كالتسمية
ــ
واعلم أن هذا الابتداء وإن كان سنة إلا أن الغسل يقع فرضا وإلى ذلك أشار محمد بقوله بعد غسل الوجه: ثم بغسل ذراعيه، والمصنف أيضا، وذلك أنه قدم أن غسل اليدين فرض وأفاد أن تقديم بعض هذا الفرض سنة وقيل: هو سنة ينوب عن الفرض.
قال بعض المتأخرين: ليت شعري ما معنى نيابةالسنة عن الفرض يعني: فإن قيل: ما معناه أنه لا يعيد غسلهما عند غسل الذراعين، قلنا: ذاك لأن الفرض وجد أصالة ولقد أبعد الإمام السرسخي إذ قال: الأصح عندي أنه سنة لا تنوب، وأفاد في الذخائر الأشرفية أن السنة عند غسل الذراعين أنه يغسل يديه ثلاثا أيضا، انتهى.
ثم كيفية هذا الغسل أن الإناء إن أمكنه رفعه غسل اليمنى ثم اليسى ثلاثا، أو لم يمكن لكن معه إناء صغير فكذلك، وإلا أدخل أصابع يده اليسرى مضمومة دون الكف وصب على اليمنى ثم يدخلها، قال في المضمرات: ولو كانتا نجستين أمر غيره بذلك فإن لم يجد أدخلا منديلا ليغسل ما تقاطر منه، فإن لم يجد رفع الماء بفيه فإن لم يقدر تيمم وصلى ولا إعادة عليه.
(كالتمسية) أي: كما أن التسمية سنة في الإبتداء مطلقا سواء كان الوضوء عن نوم أو لا اتفاقا، كذلك غسل اليدين وإلا لكانت التسمية سابقة إيجاد أو أقوى مما سبق جعلها مشبها به، ومنع بعض المتأخرين كون الابتداء بها سنة، بل الإتيان بها بشرط كونها في الابتداء هو المسنون والفرض واضح، فإن من سمى ثم قرأ بعضا من الأدعية يكون مقيما للسنة على الثاني دون الأول وأنت خبير بأن معنى البدأة بها في الوضوء، يعني قبل الشروع في أفعاله فلا ينافيه ما ادعاه ثم المتبادر منها لفظ بسم الله الرحمن الرحيم، وقد قيل: إنه الأفضل لكن بعد التعوذ. وذكر الطحاوي أن المنقول عن السلف بسم الله العظيم والحمد لله على دين الإسلام، وذكر الزاهدي أنه يجمع بينهما، ولو هلل أو كبر أو حمد كان مقيما للسنة، كذا في المحيط يعني لأصلها وكمالها بما سبق، ويسمي قبل الاستنجاء لا حال الانكشاف ولا في محل النجاسة وبعده وهو الأصح، فقد صح عنه ﷺ أنه كان يقول عند دخوله الخلاء: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث، يعني ذكران الشياطين وإناثهم. ثم كونها سنة هو مختار الطحاوي، وكثير من المتأخرين ورجح في الهداية ندبها قيل: وهو ظاهر الرواية.
1 / 38