. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفي فتح القدير: هي ما واظب عليه النبي ﷺ مع الترك أحيانا، وفيه بحث من وجوه:
الأول: ليس كلما كان كذلك يكون سنة بل لا بد أن يكون على وجه العبادة، كما قيده به في إيضاح الإصلاح ليخرج ما كان كذلك على وجه العبادة.
الثاني: لا بد أن يقال: وكانت من خصائص تلك العبادة لأن عدم الاختصاص ينافيها، ومن ثم كان السواك مندوبا في الوضوء لعدم اختصاصه به.
الثالث: لا بد أن يزاد وواظب عليها الخلفاء بعده، ليدخل التراويح إذ قد أطبقوا على أن سنيتها لمواظبة الخلفاء عليها. وما في السراج هي: ما فعله ﵊ أو واحد من أصحابه فتعريف لمطلق السنة والكلام في المؤكدة.
الرابع: لا بد أن يقيد الترك بكونه لغير عذر، كما في التحرير ليخرج المتروك بعذر كالقيام المفروض، وكأنه إنما تركه لأن الترك لعذر لا يعد تركا، ثم هذا كله ظاهر في أن المواظبة دون ترك تفيد الوجوب، وهو مخالف لاستدلالهم على سنية اعتكاف العشر الأخير من رمضان بأنه ﷺ واظب عليه حتى توفاه الله تعالى كما في الصحيح. وأشار في الفتح إلى الجواب: بأنها لما اقترنت بعدم الإنكار على من لم يفعل كانت دليل السنية، وأن لا يكون دليل الوجوب، وأوضحه في الحواشي السعدية بأنه لما لم ينكر على التارك كان في حكم التارك؛ إذ الترك كان لتعليم الجواز وعدم الإنكار للتارك يفيد تعليم الجواز فيكون المراد مع الترك أحيانا حقيقة أو حكما، انتهى.
أقول: وينبغي أن يقيد هذا بما إذا لم يكن ذلك الفعل المواظب عليه مما اختص وجوبه به كصلاة الضحى، أما إذا كان عدم الإنكار على من لم يفعل لا يصح أن ينزل منزلة الترك. بقي هذا أن التقرير خاص بالفعلية فيخرج عنه ما ثبت بقوله: وهو من السنن كثير، وقد أثبتوا كما سيأتي سنية غسل اليدين في ابتداء الوضوء بالنهي عن الغمس قبل الغسل ثلاثا، وقول بعضهم لما نهي عنه فالظاهر أنه
1 / 36