ألا وإنه من لا ينفعه الحق يضرره الباطل (1)، ومن لم يستقم به الهدى يجر به الضلال إلى الردى ، ألا وإنكم قد أمرتم بالظعن (2)، ودللتم على الزاد ، وإن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل ، تزودوا من الدنيا ما تحرزون أنفسكم به غدا (3) قال الشريف : أقول : لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزهد فى الدنيا ويضطر إلى عمل الآخرة لكان هذا الكلام ، وكفى به قاطعا لعلائق الآمال ، وقادحا زناد الاتعاظ والازدجار ، ومن أعجبه قوله عليه السلام «ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق والسبقة الجنة والغاية النار» فإن فيه مع فخامة اللفظ ، وعظم قدر المعنى ، وصادق التمثيل ، وواقع التشبيه سرا عجيبا ، ومعنى لطيفا ، وهو قوله عليه السلام : «والسبقة الجنة ، والغاية النار» فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين ، ولم يقل «السبقة النار» كما قال «السبقة الجنة» ، لأن
صفحة ٦٨