نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب
محقق
إحسان عباس
الناشر
دار صادر-بيروت
مكان النشر
لبنان ص. ب ١٠
يوم الاثنين خامس رجب سنة اثنتين وتسعين، وذكر عن طارق أنّه كان نائمًا في المركب وقت التعدية، فرأى النبيّ، ﷺ، وأمره بالرفق بالمسلمين والوفاء بالعهد، هكذا ذكر ابن بشكوال.
وقيل: إن موسى ندم على تأخّره، وعلم أن طارقًا إن فتح شيئًا نسب الفتح إليه دونه، فأخذ في جمع العساكر، وولّى على القيروان ابنه عبد الله، وتبع طارقًا فلم يدركه إلاّ بعد الفتح. وقال بعض العلماء: إن موسى بن نصير كان عاقلًا شجاعًا كريمًا تقيًّا لله تعالى، ولم يهزم له قطّ جيشٌ، وكان والده نصير على جيوش (١) معاوية، ومنزلته لديه مكينة، ولمّا خرج معاوية لصفين لم يخرج معه، فقال له: ما منعك من الخروج معي ولي عندك يدّ لم تكافئني عليها؟ فقال: لم يمكني أن أشكرك بكفري من هو أولى بشكري من ك، فقال: من هو؟ فقال: الله ﷿، فأطرق مليًّا ثم قال: أستغفر الله، ورضي عنه.
رجع إلى حديث طارق - قال بعض المؤرخين (٢): " كان ذريق ملك الأندلس استخلف عليها شخصًا يقال له تدمير، وإليه تنسب تدمير بالأندلس، فلمّا نزل طارق من الجبل كتب تدمير إلى لذريق: إنّه قد نزل بأرضنا قومٌ لا ندري أمن السماء هم أم من الأرض، فلمّا بلغ لذريق ذلك - وكان قصد بعض الجهات البعيدة لغزو له في بعض أعدائه - رجع عن مقصده في سبعين ألف فارسٍ، ومعه العجل تحمل الأموال والمتاع، وهو على سريره بين دابتين، وعليه مظلّة مكللة بالدرّ والياقوت والزبرجد. فلمّا بلغ طارقًا دنوّه قام في أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثمّ حثّ المسلمين على الجهاد، ورغّبهم ثم قال: أيّها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدوّ أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنّكم في هذه الجزيرة أضيع
(١) ابن خلكان: على حرس.
(٢) عود إلى النقل عن ابن خلكان بشيء من التصرف، وانظر الإمامة والسياسة (ملحق ابن القوطية: ١٣٧) .
1 / 240