نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب
محقق
إحسان عباس
الناشر
دار صادر-بيروت
مكان النشر
لبنان ص. ب ١٠
ونزل قريبًا مني، وكنت أسمع به بنار صاعقة يرسلها الله على من يشاء من عباده، ثم رأيت أن أبدأه بالتأنيس والإحسان، فاستدعيته بهذا الأبيات:
يا ثانيًا للمعرّي ... في حسن نظمٍ ونثر
وفرط ظرفٍ ونبلٍ ... وغوص فهمٍ وفكر
صل ثمّ واصل حفيًّا ... بكلّ برٍّ وشكر (١)
وليس إلاّ حديثٌ ... كما وهى عقد درّ
وشادنٌ يتغنّى ... على ربابٍ وزمر
وما يسامح فيه ال ... غفور من كأس خمر
وبيننا عهد حلفٍ ... لياسرٍ حلف كفر
نعم فجدّده عهدًا ... بطيب سكرٍ (٢) ويسر
والكأس مثل رضاغٍ ... ومن كمثلك يدري ووجّه له الوزير أبو بكرٍ (٣) ابن سعيدٍ عبدًا صغيرًا قاده، فلمّا استقر به المجلس، وأفعمته روائح النّدّ والعود والأزهار، وهزّت عطفه الأوتار، وقال:
دار السعيديّ ذي أم دار رضوان ... ما تشتهي النفس فيها حاضرٌ داني
سقت أباريقها للندّ سحب ندىً ... تحدى برعدٍ لأوتارٍ وعيدان (٤)
والبرق من كلّ دنٍّ ساكبٌ مطرًا ... يحيا به ميت أفكارٍ وأشجان
هذا النّعيم الذي كنّا نحدّثه ... ولا سبيل له إلاّ بآذان فقال له أبو بكرٍ ابن سعيدٍ: وإلى الآن لا سبيل له إلاّ بآذان؟ فقال: حتى
(١) ق الإحاطة: بكل شكر وبر.
(٢) في النسخ: شكر. دوزي: فقم نجدده.
(٣) أبو بكر: سقطت من ق.
(٤) ق ط ج: وألحان.
1 / 191