72

[العاشر] : فصل في [أن] الزيادة على النص

* هل يكون نسخا أم لا؟

اختلف الناس في ذلك : فذهب قوم إلى أن الزيادة إذا غيرت حكم المزيد عليه كانت نسخا. وقال آخرون : ان الزيادة على النص لا تكون نسخا على كل حال ، وهو مذهب أكثر أصحاب الشافعي ، وإليه ذهب أبو علي ، وأبو هاشم. وقال آخرون : ان الزيادة تقتضي النسخ إذا كان المزيد عليه قد دل على أن ما عداه بخلافه.

واعلم أن الزيادة على النص تنقسم إلى قسمين : زيادة متصلة ، وزيادة منفصلة.

والمتصلة على ضربين : مؤثرة في المزيد عليه ، وغير مؤثرة فيه.

فأما الزيادة المتصلة المؤثرة ، فهي التي تغير حكم المزيد عليه في الشريعة ، حتى يصير لو وقع مستقبلا من دون تلك الزيادة ، لكان عاريا من كل تلك الأحكام الشرعية التي كانت له ، أو بعضها ، فهذه الزيادة تقتضي النسخ. ومثاله زيادة ركعتين على سبيل الاتصال ، كما روي أن فرض الصلاة كان ركعتين ، فزيد في صلاة الحضر.

وإنما قلنا : إن هذه الزيادة قد غيرت الأحكام الشرعية ؛ لأنه لو فعل بعد زيادة الركعتين على ما كان يفعلهما عليه أولا ، لم يكن لهما حكم ، وكأنه ما فعلهما ، ويجب عليه استينافهما ، ولأن مع هذه الزيادة يتأخر ما يجب من تشهد وسلام ، ومع فقد هذه الزيادة لا يكون كذلك. وكل ما ذكرناه يقتضي تغير الأحكام الشرعية بهذه الزيادة.

ولا يلزم على هذا ما نقوله من أن كل جزء من الصلاة له في استحقاق الثواب حكم نفسه ، ولا يقف على غيره ؛ لأن النسخ إنما يدخل في الأحكام الشرعية ، واستحقاق الثواب من الأحكام العقلية ، وقد بينا تغير الأحكام الشرعية.

صفحة ١٩٠