ويا شقيقي من فَخاري به ... ومن غدا لي في الورى طَرفا
أكملُ منه إن أصِفه فلي ... أرجَع من أوصافه الوَصفا
قل لي عن وصفٍ حُروفٌ له ... أربعةٌ ما نقصتْ حرفَا
إذا وصفتَ الشَّحصَ يومًا به ... فعينه في دبرِه تُلفَى
ولم يزلْ يصحبُ كُلاَّبةً ... بها يجيد القبضَ لا الصَّرفَا
ثانيهِ نصفْ العُشرِ من ثالثٍ ... وكلُّه لم يبلغِ الألفا
ينقص عنها بل عن بعضِها ... ولم تكمِّل ناقصًا حلفا
موصوفُه نصفانِ فانظرْ له ... نصفًا ولا تنظرْ له نِصفا
ثانيهِ مع ثالثهِ فعلُه ... متى يُشاجِر عِرسَه عُنْفا
يُظهِر في أفعاله خفَّةً ... وهو لِثقلٍ لم يغبْ طرْفَا
كالبومِ شُؤمٌ وهو إلفٌ لنا ... فهل رأيتُم بومةً إلفا
أجِبْ وعن ذا الوصفِ أوضحْ لنا ... لا ذقتَ للدَّهرِ إذًا صَرْفا
فأجابه ملغزًا أيضًا:
جاءتْ فزادتْ روضنا عرْفا ... بل قلَّدتْ آذانَنا شُنْفا
وأطفأتْ من كبدِي لوعةً ... ولم تكنْ من غيرها تُطفا
وهيَّجتْ شوقي إلى ماجدٍ ... لم أكُ أبغي غيره إلفا
أعِني شقيقي من أرى بُعدَه ... للدَّهرِ ذنبًا لم يكدْ يُعفى
ذو كرمٍ لو شامه حاتمٌ ... عضَّ على أنملهِ لَهفا
رَبُّ المعانِي والقوافِي التي ... كالُّرِّ إذ ترصِفه رصفَا
كانت كعذبِ الماءِ عند الصَّفَا ... أو كلَمًى أرشِفه رشفا
أو كوصالٍ من حبيبٍ وقد ... أكثَر في ميعادِه الخُلفا
مُضيِّعٍ أرعاهُ بين الورى ... وشيمةُ الأحبابِ لا تخفَى
أبيتُ أُملي من غرامِي له ... كتُبًْا ومن إِعراضِه صُحْفا
يُدير من ألحاظِه أكؤسًا ... حمَّلها أجفانَه الوَطفا
تسقِيه راحًا مُزِجتْ من دِما ... عيني وتسقيني الهوَى صِرفا
سائلةً عن ساعدٍ لم يزلْ ... كعطفةِ الأصداغِ مُلتفَّا
أو كسِوارٍ ضاق عن عبلةٍ ... أو كهلالٍ كاد أن يخْفَى
لكن إذا مدَّت إلى مرقدٍ ... كقامةِ الحبِّ إذ تُلفَى
لا زلتَ تعطيها وأمثالَها ... من راحةٍ كالدِّيمةِ الوَطفا
وبعدُ ما وصفٌ له أحرفٌ ... أربعةٌ لم تستزد حَرفا
أوَّلُه سبعُ لعشرٍ حوى ... ثانيهِ لا زلتَ له حِلفا
إن تُسقِط المفردَ يعدْ ... جمعًا وهذا عنكَ لا يخفَى
وفعْل أمرٍ تمَّ فعلًا لمن ... نارُ غرامِي فيه لا تُطفا
إن تقلبِ الثالثَ مع رابعٍ ... يكنْ لموصوفٍ به وصفَا
ثانيهِ مع ثالِثه وصفُه ... إذ اعتراه النَّومُ أو أغفى
أَبِنهُ لي لا زلت في عِزَّةٍ ... لم تغضِ عما رمتَه طرفا
والدَّهرُ عبدٌ لك أو قائدٌ ... يُجيبُ من عادَيته طِرفا
ومن شعره قوله:
أُسلِّي فؤادي بادِّكاركَ طامعًا ... بصبري وأين الصَّبرُ من قلبِ عاشقِ
وألوِي ضُلوعي كي أُسَكِّن روعةً ... ومالي بقلبٍ ساكنِ الجسم خافقِ
أُؤمِّل عذبًا من رُضابَك باردًا ... لإخمادِ جمرٍ بين جنبيَّ حارِقِ
فأذكرُ من عذبِ اللَّمى مع لمعِهِ ... أحاديثَ جِيران العُذَيْبِ وبارِقِ
ففي الصبْح صبرٌ إن أكن غير ناظِرٍ ... إليه دليلًا إن يكن غيرَ طارقِ
فويلِي من جسمٍ طريحٍ من الهوى ... وإِنسانِ عينٍ بالمدامعِ شارِقِ
محمد بن علي، المعروف بالحريري الحرفوشي هو في المعارف نسيج وحده، والآداب طلاع ثنايا نجده.
1 / 50