301

وعلى أي حال ، فإن الآية دليل واضح على حجاب الاعلام المضلل.

* *

وتحدثت الآية الثانية عن «قارون» الغني والمعروف في بني اسرائيل الذي قام يوما باستعراض لثروته أمام بني اسرائيل.

لقد نقل في التواريخ قصص كثيرة في هذا المجال ، فكتب بعضهم : ظهر قارون مع فريق يعد بأربعة آلاف رجل وامرأة من الخدم والحشم والجاريات ، فالرجال على خيول أصيلة ، بألبسة حمراء ، والجاريات على بغال بيض سروجها من ذهب ، والجميع مزينون بالحلي والحلى والذهب والمجوهرات (1).

وقد قدر البعض عدد أفراد قارون بسبعين ألفا ، وإذا لم نعتبر هذه الأرقام واقعية ، فتعبير القرآن : ( فخرج على قومه فى زينته ) يكشف عن عظمة تلك اللقطة ، وقد يكون عمله هذا من أجل تحدي واغضاب موسى عليه السلام ، أو تثبيتا لقدرته في بني اسرائيل ، أو أنه جنون عرض القوة والثروة اللتين يبتلى بهما كثير من المتمولين والأغنياء ، وعلى أي حال ، فإن تلك اللقطات والاعلام المتزامن معها كان بدرجة من العظمة سلبت عقول الكثير من بني اسرائيل وألقت بستار على أرواحهم حتى جعلتهم يتمنون أن تكون لهم ثروته وقدرته ، ويعدونه سعيدا و «ذو حظ عظيم».

وبعد ما جاء ذلك اليوم الذي خسف الله الأرض بقارون وثروته بسبب جرائمه وأعماله المشينة ، وعلم الجميع بما حل به استيقظوا من غفلتهم وأبدوا سرورهم من حيث إنهم لم يكونوا مثل قارون.

إن تأثير الاعلام لا ينحصر على ذلك الزمان فحسب ، بل يشمل في كل عصر وهذا أمر لا ينكر ، وان كثيرا من جبابرة الماضي والحاضر يستعينون باستعراض قوتهم وامكانياتهم كاستعراض قارون لأجل تخدير أفكار الناس ، وتسخيفها ، وسحر أعينهم ، وقد

صفحة ٣١٨