289

اليهود آنذاك ، والعبارة الثانية إشارة إلى عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله حيث أنكروا نبوته ورسالته (1).

وقال البعض : إن العبارة الاولى تبين أن الله لعنهم وطردهم من رحمته وأعماهم وأصمهم لأجل ظنهم الباطل من أنهم شعب الله المختار ، وقد شملتهم رحمة الله بعد ذلك فتاب عليهم ورفع عن قلوبهم ذلك الظن الباطل ، فأبصرهم وأسمعهم تارة اخرى كي يلتفتوا إلى حقيقة هي : عدم وجود فرق بينهم وبين غيرهم إلابالتقوى.

إلا أن حالة الوعي واليقظة هذه لم تستمر عندهم ، وتورط بعضهم بنفس الحسبان الخاطيء القائم على أساس التفرقة العرقية تارة اخرى ، فأعماهم وأصمهم الله ثانية (2).

والجمع بين هذه التفاسير ليس متعذرا ، ونتيجتها جميعا واحدة وهي : إن الظن الباطل (كظن اليهود أنهم شعب الله المختار) يمنع الإنسان تدريجيا عن الإدراك والفهم ويحرفه عن جادة الصواب ، وإذا كان هذا الظن في بدايته فيقظة العقل محتملة ، ورجوعه عن هذا الحسبان ممكن ، أما إذا تفاقمت الظنون وتأصلت في ذاته فيصبح الرجوع عنها أمرا غير ممكن.

* *

صفحة ٣٠٥