[تمهيد في ضرورة معرفة النسب]
ولما كانت الولادة النبوية والخلائق المحمدية هي منبع الفضائل، ومعدن ما زكى من الشمائل، جعلت افتتاح كتابي بسماته المعظمة، وصفاته المبجلة، إذ هو في هذه المناقب ركن يبنى عليه، وأصل ترجع الفروع إليه، وأن عترته الزكية وأسرته السرية شرفوا بالاعتزاء إليه، ونما فخرهم بالإنتماء إلى فخره المعول عليه، وهي أكثر أن تحصى، وأعظم أن تستوفى وتستقصى؛ لأن ذكر جميعها يقصر عنه باع الإحصاء.
بل ذكر أكثرها يضيق عنه نطاق طاقة الاستقصاء، واسم التاريخ عند الأمة وقت مفروض بحادث مشهور ينسب إليه ما يأتي بعده من الأزمان، وقد اصطلحت الأئمة على تاريخ الملة الإسلامية من هجرته في ربيع الأول، فرد التاريخ في أيام عمر رضى الله عنه وأرضاه إلى المحرم (1)، وفيه عبرة الوقوف على أحوال الأمم السالفة والقرون الخالية.
وقفت فيها أصيلا لا أسائلها
أعيت جوابا وما بالربع من أحد (2)
فياليتنا نتدبر، ونتذكر، ونعتبر، ونتفكر، ونتحقق، أن المصير إليهم والقدوم عليهم.
يا أيها الراجع فيما مضى
هل لك فيما قد بقي مطمع
فيا طوبى لمن حقق بسبب عمله بقوم هم غاية أمله، والأصل في ذلك ما أجازني سيدي وشيخي صدر الحفاظ، رئيس الفريقين، إمام الحرمين، قدوة العرب والعجم، فخر المعالي، ذو المناقب، وحيد عصره، وفريد دهره، كمال الدين حيدر بن محمد بن زيد الحسيني قدس الله روحه بظاهر الموصل، سنة خمس وعشرين
صفحة ٢١