النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية
تصانيف
16
ويقول إبراهيم نصحي: «إذا كان من الجائز أن يكون قد سبق دارا إلى حفر قناة وادي الطميلات، «أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة أو حتشبسوت»، فإن النصوص التي تتحدث صراحة عن هذه القناة مدونة على اللوحات الفارسية، ولوحة بطلميوس الثاني، فقد أقام دارا على مجرى القناة ثلاث لوحات في تل المسخوطة وسيرابيوم وكبريته، وأقام «خلفه الفارسي» أجزركسيس لوحة رابعة عند الكوبري شمالي مدينة السويس بستة كيلومترات، وقد لوحظ أن كل لوحة تبعد عن الأخرى بحوالي 25 كيلومترا، وأن المسافة بين تل المسخوطة ومخرج القناة من النيل عند تل بسطة، تبلغ ضعف هذه المسافة؛ ولذلك إما أن تكون قد أقيمت لوحة خامسة (في المنتصف) بمنطقة التل الكبير على الحافة الجنوبية للهضبة الصحراوية، لكن هذه اللوحة لم تكتشف بعد، وإما أن يكون نخاو هو الذي أعاد حفر القناة من تل بسطة حتى تل المسخوطة، ويكون دارا وأجزركسيس قد أعاد حفر الباقي، من تل المسخوطة حتى رأس خليج السويس.»
17
شكل 2-4
شكل 2-5: خريطة بطلميوس لفروع الدلتا حسب تفسير بول، ومن جانبنا نرى أن الفرع العرضي مقصود به قناة سيزوستريس لمخالفتها خط سير بقية الأفرع، وهي البحر المعرض أو المستعرض في الروايات والأشعار العربية.
ويضيف «غلاب» القول: «ويتحدث مؤلف كتاب تاريخ الفرنجة
Histoire des frances
576م، عن «طريق مائي يصل بين ذراع البحر الأحمر والمستنقعات والبحيرة المرة والتمساح، وقناة تصل هذا كله بالنيل»، فهل معنى هذا أن القناة كانت موجودة حتى القرن السادس الميلادي؟ على كل حال فقد كانت مدينة «إيرو» (يقصد هيروبوليس) موجودة في القرن الرابع، كا لو كانت كليزما (السويس الآن) قائمة أيضا حتى الفتح العربي لمصر، وكان البحر الأحمر معروفا عند العرب باسم القلزم، وهو تحريف لكليزما اليونانية، ويبدو أن قناة النيل/البحر الأحمر ضؤل شأنها بعد القرن الثاني الميلادي، وكانت تتعرض لسفي الرمال، ولم يكن خليج وادي طميلات، يمتلئ بالماء إلا أوقات الفيضان، ولكن بعض البرك والمستنقعات تخلفت عنها، فكانت تطهر من الرمال حينا وتترك حينا آخر، وقد استطاع العرب بعد فتح مصر مباشرة، الاستدلال على مكانها بسهولة؛ فأعيد حفرها باسم خليج أمير المؤمنين، وتم حفرها عام 34 للهجرة، ولم ينقطع سيل ماء النيل عند البحر الأحمر إلا سنة 150ه/767م، في عهد الخليفة أبي جعفر المنصور.»
18
وهذا يعني «أن القناة قديمة العهد، بدأ ذكرها منذ عهد خيتي في زمن الفترة الأولى، وظل حتى الزمن العربي في عصره العباسي، وأنها قد ربطت بحيرة التمساح بالبحيرات المرة بالخليج العربي (خليج السويس/البحر الأحمر)، دون الاحتياج لعصور جيولوجية ودون مد خليج السويس خارج حدوده (كما افترض دي بوا إيميه) وهو ما ربط البحيرات جميعا بالخليج، لتشكل خطا واحدا هو امتداد للبحر الأحمر، وأصبحت جديرة جميعا باسم «بحر سوف»، الذي تصب فيه مياه النيل قادمة عبر القناة».
صفحة غير معروفة