النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية

سيد القمني ت. 1443 هجري
113

النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة (الجزء الأول): موسوعة تاريخية جغرافية إثنية دينية

تصانيف

هذه كلمات رعمسيس الثاني ملك أرض مصر العظيم قاهر جميع البلدان، ابن منمورا (اسم العرش لأبيه ستي الأول)، الملك العظيم، ملك مصر القاهر. قالها إلى حاتوشيليش الملك العظيم، ملك بلاد الحيثيين، الشجاع ابن مورشيليش الملك العظيم ملك بلاد حاتي، بالنسبة لنا فإننا إخوة والسلام بيننا قد عقد، وسيكون خيرا من الأخوة. «أما البند الذي يقصده «بروجش» فقد جاء مدونا بالوثيقة المصرية يقول»:

إذا هرب نبيل من بلاد الحيثيين، وجاء إلى رعمسيس العظيم إلى بلاد مصر، كي يدخل في خدماته، سواء كان رجلا أم مدينة (المقصود شعب أو قبيلة كبيرة [المؤلف])، فإن ملك مصر سيلقي القبض عليهم، ويرجعهم إلى ملك الحيثيين، وإذا هرب نبيل من رعمسيس ملك أرض مصر وأتى إلى بلاد الحيثيين، فإن حاتوشيليش ملك بلاد الحيثيين سيلقي القبض عليه، ويرجعه إلى رعمسيس الملك العظيم ملك مصر، أخيه.

20

وعليه فإن بروجش يرى أن موسى كان على علم ببنود تبادل المارقين الواردة بتلك المعاهدة الدولية؛ لذلك فضل سلوك السبل غير المطروقة في سيناء، فعاد برجاله إلى مجدولان، ويرى أنها كانت تقع بين «الفرما/بيلوز» وبين سيله قرب القنطرة، «أما بحر سوف الذي عبروه فلا بد أن يكون سهل الطينة» جنوبي خليج الطينة وشرقي بحيرة المنزلة، فتبعهم المصريون لكن ليغرقهم مد البحيرة العالي.

ويستشهد بروجش على صدق نظريته بخطورة المد في تلك المنطقة، ومفاجآته الكارثية لأكثر من مرة معلومة بالتاريخ، منها المرة التي ذكرها سترابون عندما ساح في مصر خلال القرن الأول قبل الميلاد، وقال فيها:

وقد حدث في مدة إقامتي بالإسكندرية مد وجزر عظيمان، في مدينة بي لوز قرب جبل كاسيوس، فأغرق الماء تلك الجبال، حتى صار الجبل كأنه جزيرة، وكانت السفن تجري على الطريق المجاور (يقصد الطريق الموازي للبحر المتوسط على اليابسة [المؤلف]) الذي كان يمتد إلى فلسطين حيث غطاه الماء.

ويستشهد بشهادة أخرى من ديودور الصقلي في معرض حديثه عن حملة ارتكزكثيس ملك الفرس على مصر، عندما وقع في شراك تلك المنطقة الجهنمية مع رجاله، عندما وصل زحفه إلى البركة التي تجاور سهل الطينة حيث منطقة المهالك، وهناك فقد جانبا كبيرا من جيشه في هذا المكان بالتحديد.

21 (2) رأي بيير مونتييه

ومن بين النظريات الهامة التي اهتمت بحدث الخروج الإسرائيلي، وعلاقة التوراة بمصر القديمة، نظرية المصرولوجيست بيير مونتييه، التي طرحها في كتابه مصر والتوراة، وتعد بدورها من النظريات المشهورة، والمعتبرة بين الباحثين، ولم تزل صامدة حتى الآن، ونوجز لها هنا ملخصا سريعا، يبدأ مع دخول يعقوب وأبنائه إلى مصر زمن ولاية يوسف الخزانة المصرية، حسب رواية التوراة، وأنهم سكنوا أرض جاسان التي يجب أن تتموضع شرقي الدلتا، لاعتبارات ساقها مونتييه، أبرزها «أن يوسف حسب التوراة، قد عاش في عاصمة البلاد قرب الفرعون»، وأن يوسف عندما علم بوصول أبيه حدود مصر، أسرع فركب عربته العسكرية، وتوجه للقاء أهله، ثم عاد ليخبر الفرعون، وأن ذلك «حسب التوراة السبعونية قد استغرق يوما واحدا»، ثم نعلم أن يوسف استسمح الفرعون لإسكان أهله بأرض جاسان، ومن المحال أن تكون جاسان في طيبة جنوبا أو حتى في منف؛ لأن الراكب منها إلى حدود الدلتا الشرقية يحتاج أسبوعا أو يزيد مع عدم التوقف للوصول، وليس يوما واحدا.

هذا بالإضافة إلى إفادات ماسبيرو عن المواصلات في مصر القديمة، التي كانت تعتمد على الإبحار في النيل وقنواته العديدة؛ لذلك كان لا بد أن تستخدم العجلات في مناطق، تسمح بها على الأطراف بعيدا عن الأنهار والقنوات، وهو شرقي الدلتا حيث الصحاري الممتدة المتصلة بسيناء، وعليه لا بد أن تقع جاسان هناك.

صفحة غير معروفة