قال : قاتلك الله والله ما أردت الله بهذا، لا أرب لنا في أموركم وما حمدتها فأرغب فيها لأحد من أهل بيتي، إن كان خيرا فقد أصبنا منه، وإن كان شرا فبحسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد ويسأل عن أمر أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، أما لقد جهدت نفسي، وحرمت أهلي، وإن نجوت كفافا لا وزر ولا أجر إني لسعيد.
وجعلها شورى في ستة : عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم. وجعل عبد الله عمر معهم مشيرا وليس منهم، وأجلهم ثلاثا، وأمر صهيبا أن يصلي بالناس.
وكان طلحة بن عبيد الله غير موجود آنذاك بالمدينة حيث كان مشغولا، خارجا ببعض أعماله. فدعا عمر القوم، وقال لهم : إني قد ظهرت لكم في أمر الناس فلم أجد عند الناس شقاقا إلا أن يكون فيكم، فإن كان شقاق فهو منكم، وقال إن قومكم إنما يؤمرون أحدكم أيها الثلاثة (لعثمان وعلي وعبد الرحمن) فاتق الله يا علي، إن وليت شيئا من أمور المسلمين فلا تحملن بني هاشم على رقاب المسلمين، ثم نظر إلى عثمان وقال : اتق الله، إن وليت شيئا من أمور المسلمين فلا تحملن بني أمية على رقاب المسلمين. وإن كنت على شيء من أمر الناس يا عبد الرحمن فلا تحمل ذوي قرابتك على رقاب الناس. ثم قال : قوموا فتشاورا فأمروا أحدكم.
فلما خرجوا قال : لو ولوها الأجلح (علي) لسلك بهم الطريق، فقال ابنه عبد الله : فما يمنعك يا أمير المؤمنين أن تقدم عليا ؟ قال : أكره أن أحملها حيا وميتا.
وذكر عمر سعد بن أبي وقاص فقال : إن وليتم سعدا فسبيل ذاك، وإلا فليستشره الوالي فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة.
وقال عمر : أمهلوا فإن حدث بي حدث فليصل لكم صهيب - مولى بني جدعان - ثلاث ليال، ثم أجمعوا أمركم، فمن تأمر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه.
صفحة ٣١