قال عبد الله بن عباس : نعم.
قال عمر : لا إسلام لمن ترك الصلاة. ثم دعا بوضوء فتوضأ وصلى، وإن جرحه لينزف.
ثم احتمل إلى بيته، فقال لابن عباس - وكان معه - : اخرج، فسل من قتلني، فخرج فقيل له طعنه عدو الله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، ثم طعن رهطا معه، ثم قتل نفسه. فرجع وأخبر عمر بذلك، فقال عمر : الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط.
وخشي عمر رضي الله عنه أن يكون له ذنب إلى الناس لا يعلمه، وقد طعن من أجله، فدعا ابن عباس وقال له : أحب أن تعلم لي أمر الناس، فخرج إليه ثم رجع فقال يا أمير المؤمنين، ما أتيت على ملأ من المسلمين إلا يبكون، فكأنما فقدوا اليوم أبناءهم.
وجيء له بطبيب من الأنصار فسقاه لبنا فخرج اللبن من الجرح، فاعتقد الطبيب أنه منته، فقال : يا أمير المؤمنين اعهد. فبكى القوم لما سمعوا ذلك. فقال عمر : لا تبكوا علينا، من كان باكيا فليخرج، ألم تسمعوا ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يعذب الميت ببكاء أهله عليه.
وكان عمر رضي الله عنه يخشى ما هو قادم عليه، فالمؤمن بين الخوف والرجاء، فيخاف عمر أن يكون قد قصر بحق الرعية ومسؤوليته، ويقول لمن كان حاضرا "وما أصبحت أخاف على نفسي إلا بإمارتكم هذه". وكان ابن عباس رضي الله عنهما يريد أن يطمئنه ويخفف عنه، فيذكره بمكانه عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأن رسول الله قد بشره بالجنة، فكان عمر يقول "والله لوددت أني نجوت منها كفافا لا علي ولا لي"، "والذي نفسي بيده لوددت أني خرجت منها كما دخلت فيها لا أجر ولا وزر".
وقال به ابن عباس، لقد كان إسلامك عزا، وإمارتك فتحا، ولقد ملأت الارض عدلا. فقال عمر : أتشهد لي بذلك يا ابن عباس ؟ فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لابن عباس : قل نعم وأنا معك.
صفحة ٢٩