173

الموافقات

محقق

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

المقدمة الثامنة: الْعِلْمُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا -أَعْنِي الذي مدح الله ورسوله [ﷺ] أَهْلَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ- هُوَ الْعِلْمُ الْبَاعِثُ عَلَى الْعَمَلِ، الَّذِي لَا يُخلي صَاحِبَهُ جَارِيًا مَعَ هَوَاهُ كَيْفَمَا كَانَ، بَلْ هُوَ الْمُقَيِّدُ لِصَاحِبِهِ بِمُقْتَضَاهُ، الْحَامِلُ لَهُ عَلَى قَوَانِينِهِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا، وَمَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ فِي طَلَبِهِ وَتَحْصِيلِهِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ١: الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: الطَّالِبُونَ لَهُ وَلَمَّا يَحْصُلُوا عَلَى كَمَالِهِ بَعْدُ، وَإِنَّمَا هُمْ فِي طَلَبِهِ فِي رُتْبَةِ التَّقْلِيدِ، فَهَؤُلَاءِ إِذَا دَخَلُوا فِي الْعَمَلِ بِهِ؛ فَبِمُقْتَضَى الحَمل التَّكْلِيفِيِّ، وَالْحَثِّ التَّرْغِيبِيِّ وَالتَّرْهِيبِيِّ، وَعَلَى مِقْدَارِ شِدَّةِ التَّصْدِيقِ يَخِفُّ ثِقَلُ التَّكْلِيفِ؛ فَلَا يكتفي العلم ههنا بِالْحَمْلِ دُونَ أَمْرٍ آخَرَ خَارِجَ مَقُولِهِ؛ مِنْ زَجْرٍ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ حَدٍّ، أَوْ تَعْزِيرٍ، أَوْ مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى، وَلَا احْتِيَاجَ ههنا إِلَى إِقَامَةِ بُرْهَانٍ عَلَى ذَلِكَ؛ إِذِ التَّجْرِبَةُ الْجَارِيَةُ فِي الْخَلْقِ قَدْ أَعْطَتْ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ بُرْهَانًا لَا يَحْتَمِلُ مُتَعَلِّقُهُ النَّقِيضَ بِوَجْهٍ. وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: الْوَاقِفُونَ مِنْهُ عَلَى بَرَاهِينِهِ، ارْتِفَاعًا عن حضيض التقليد

١ تكلم ابن تيمية نحو ما عند المصنف في مواطن من "مجموع الفتاوى"، منها: "٥/ ٢٧٠، ٢٧٤، ٣/ ٣٠-٣٤ و٤/ ٣٦-٣٩".

1 / 89