الموافقات
محقق
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
الناشر
دار ابن عفان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
الْخَارِجِ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ بِهَا حَسَنٌ، وَصَاحِبُ الْعِلْمِ مُثابٌ عَلَيْهِ وَبَالِغٌ مُبَالِغَ الْعُلَمَاءِ، لَكِنْ مِنْ جِهَةِ مَا هُوَ مظنَّة الِانْتِفَاعِ عِنْدَ وُجُودِ مَحَلِّهِ، وَلَمْ يُخرجه ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ وَسِيلَةً، كَمَا أَنَّ فِي تَحْصِيلِ الطِّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ فَضِيلَةً وَإِنْ لَمْ يَأْتِ وَقْتُ الصَّلَاةِ بَعْدُ، أَوْ جَاءَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أداؤُها لِعُذْرٍ، فَلَوْ فُرض أَنَّهُ تطهَّر عَلَى عَزِيمَةِ أَنْ لَا يُصلي؛ لَمْ يَصِحَّ لَهُ ثَوَابُ الطَّهَارَةِ، فَكَذَلِكَ إِذَا عَلِمَ عَلَى أَنْ لَا يَعْمَلَ؛ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ، وَقَدْ وَجَدْنَا وَسَمِعْنَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ اليهود والنصارى يَعْرِفُونَ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَيَعْلَمُونَ كَثِيرًا مِنْ أُصُولِهِ وفروعه، ولم يكن ذلك نافعا لهم مع الْبَقَاءِ عَلَى الْكُفْرِ١ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ لَيْسَ بِمَطْلُوبٍ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ الْعَمَلُ.
فَصْلٌ
وَلَا يُنكر فَضْلَ الْعِلْمِ فِي الْجُمْلَةِ إِلَّا جَاهِلٌ، وَلَكِنْ لَهُ قَصْدٌ أَصْلِيٌّ وَقَصْدٌ تَابِعٌ.
فَالْقَصْدُ الأصليُّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَأَمَّا التَّابِعُ؛ فَهُوَ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْجُمْهُورُ مِنْ كَوْنِ صَاحِبِهِ شَرِيفًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِهِ كَذَلِكَ، وَأَنَّ الْجَاهِلَ دَنِيءٌ، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهِ شَرِيفًا، وَأَنَّ قَوْلَهُ نَافِذٌ فِي الْأَشْعَارِ وَالْأَبْشَارِ٢ وَحُكْمُهُ مَاضٍ٣ عَلَى الْخَلْقِ وَأَنَّ تَعْظِيمَهُ وَاجِبٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، إِذْ قَامَ لَهُمْ مَقَامَ النَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وأن
١ كالمستشرقين والمتخصصين من الكافرين في علوم الشريعة، وهو مشهور معلوم هذه الأيام. ٢ أي: البشر. انظر: "لسان العرب" "ب ش ر". ٣ في "ط": "قاض".
1 / 85