141

الموافقات

محقق

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

السِّحْرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ السَّحَرَةُ، مَعَ أَنَّهُ بَطَلَ عَلَى يَدَيْهِ بِأَمْرٍ هُوَ أَقْوَى مِنَ السِّحْرِ، وَهُوَ الْمُعْجِزَةُ وَلِذَلِكَ لَمَّا سَحَرُوا أعْين النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ؛ خَافَ مُوسَى مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِهِ لَمْ يَخَفْ، كَمَا لَمْ يَخَفِ الْعَالِمُونَ بِهِ، وَهُمُ السحرة؛ فقال الله له: ﴿قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى﴾ [طه: ٦٨] . ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [طه: ٦٩] . وَهَذَا تَعْرِيفٌ١ بَعْدَ التَّنْكِيرِ، وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِهِ لَمْ يُعرَّف بِهِ، وَالَّذِي كَانَ يَعْرِفُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ مُبْطِلُونَ فِي دَعْوَاهُمْ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَإِذَا حَصَلَ الْإِبْطَالُ وَالرَّدُّ بِأَيِّ وَجْهٍ حَصَلَ، وَلَوْ بِخَارِقَةٍ عَلَى يَدِ وَلِيٍّ لِلَّهِ، أَوْ بِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَلِكَ الْعِلْمِ نَاشِئٍ عَنْ فُرْقَانِ التَّقْوَى؛ فَهُوَ الْمُرَادُ، فَلَمْ يتعيَّن إِذًا طلبُ مَعْرِفَةِ تِلْكَ الْعُلُومِ مِنَ الشَّرْعِ. وَعَنِ الثَّالِثِ: إِنَّ عِلْمَ التَّفْسِيرِ مطلوبٌ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَهْمُ الْمُرَادِ مِنَ الْخِطَابِ، فَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ مَعْلُومًا؛ فَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تَكَلُّفٌ، وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ عُمَرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَرَأَ: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عَبَسَ: ٣١]، تَوَقَّفَ فِي مَعْنَى الْأَبِّ٢، وَهُوَ مَعْنًى إِفْرَادِيٌّ لَا يَقْدَحُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهِ فِي عِلْمِ الْمَعْنَى التَّرْكِيبِيِّ فِي الْآيَةِ؛ إِذْ هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ حَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي شَأْنِ طَعَامِ الْإِنْسَانِ أَنَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ أَصْنَافًا كَثِيرَةً مِمَّا هُوَ مِنْ طَعَامِ الْإِنْسَانِ مُبَاشَرَةً؛ كَالْحَبِّ٣، وَالْعِنَبِ، وَالزَّيْتُونِ، وَالنَّخْلِ، وَمِمَّا هُوَ مِنْ طَعَامِهِ بِوَاسِطَةٍ، مِمَّا هُوَ مَرْعًى لِلْأَنْعَامِ عَلَى الْجُمْلَةِ؛ فَبَقِيَ التَّفْصِيلُ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ تلك الأفراد فضلا؛

١ أي: قوله: "إنما صنعوا ... إلخ" تعريف لموسى بأن هذا سحر وصاحبه لا يفلح، بعد تنكير وعدم معرفة من موسى ﵇ بذلك. "د". ٢ مضى تخريجه "ص٤٩". ٣ في الأصل: "كالحب مباشرة والعنب".

1 / 57