430

ويجوز أن يحمل قوله تعالى : ( ولو شاء لهداكم أجمعين ) على أنه لو شاء أن يحملهم ويلجئهم إليه لفعل ، على نحو ما بيناه من قبل فى نظائر هذه الآية وقد بينا هناك أنه لا ظاهر لأمثاله (1)، فلا وجه لإعادته.

** 398 مسألة :

فقال تعالى : ( أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون ) [17].

ثم قال بعده : ( والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ) [20].

والجواب عن ذلك : أن ظاهره إنما يوجب أن من يخلق ليس كمن لا يخلق ، وأن من يدعونه من دون الله ، من الأصنام لا يخلق ، وهذا مما لا خلاف فيه ، فمن أين أن غير الله تعالى لا يجوز أن يفعل إذا كان حيا قادرا؟

وقوله تعالى : ( أفمن يخلق كمن لا يخلق ) ليس فيه بيان أن من يخلق : هو الله تعالى فقط ، فكيف يصح تعلقهم بهذا الظاهر ، وقد علم أن لفظة : « من ) تتناول الواحد من العقلاء وتتناول الكثير ، فلا دلالة إذن فيما قالوه.

وبعد ، فلو صح أن يستدل به ، كان لا يدل إلا على أن غيره تعالى لا يخلق ، وليس فيه أنه لا يفعل ، وقد بينا أن إطلاق الخلق إنما يصح فى الله عز وجل ، لما كان مقدرا لجميع ما يحدثه ، ولا يخرج شيء من أفعاله عن هذه الطريقة (2)،

صفحة ٤٣٥