داعيا له إليه ، فكأنه قال : وإذ قد حرمتنى الثواب وجنبتنى الإحسان وحكمت على بالعقوبة ؛ فسأصير فى ذلك شركاء يستحقون ما أستحقه ، لأن المشاركة فى النقمة قد تسأل (1) فى الدنيا على بعض الوجوه.
وقوله تعالى ، حاكيا عنه : ( ولأغوينهم أجمعين ) يمكن حمله على التخييب أيضا ، فكأنه قال لأخيبنهم (2) بأن أنسب إلى كفرهم وضلالهم بالتزيين والدعاء. ويمكن أن يحمل على الإضلال والإهلاك ، فيكون سببا للحرمان.
** 390 فأما قوله تعالى من بعد :
فإنه يدل على ما نقوله فى أفعال العباد ؛ لأنه تعالى لو خلق فيهم الضلال لم يكونوا متبعين له ، وكان يجب أن يكون له على من اتبعه من السلطان الأعلى مثل من لم يتبعه ؛ لأن ما يقع عند دعائه إليه هو الفاعل [ له ] فيهم ، فيفعل فى البعض الضلال والقبول ، وفى البعض الامتناع والإيمان ، فكان لا معنى للتفرقة بينهما!
ثم يقال للقوم : إذا كان تعالى يفعل فيمن اتبع إبليس الضلال والغواية ، كما يفعله فى إبليس ، فلم أصاف إلى نفسه ضلال إبليس ، دون ضلال من اتبعه ، فقال : ( رب بما أغويتني )، ثم قال : ( لأغوينهم أجمعين ) ؟ ويجب على مذاهبهم أن يكون كأنه قال : بما أغويتنى لتغوينهم ، لأن كلا الأمرين من قبله ، ولو لا خلقه فيهم لما حصل.
** 391 مسألة :
صفحة ٤٢٩