385

فأما قوله (1) ( إلا ما شاء ربك ) فالمراد به : إلا ما شاء ربك أن يوقفهم فى الموقف للمحاسبة ، لأنهم فى تلك الحال غير كائنين فى النار ، وليس لأحد أن يقول : كيف يستثنى ذلك من كونهم فى النار ويريد قبل الدخول (2)، لأن الاستثناء وقع على حد يصح فيه ذلك من حيث قال : ( فأما الذين شقوا ففي النار ) فلو انفرد الظاهر لوجب القطع على كونهم فيها دائما ، فاستثنى حال وقوفهم فى الموقف ، لأنه فى دخوله فى الكلام الأول لو انفرد بمنزلة دخول سائر الأحوال فيه.

وقد قيل : إن المراد بقوله : ( إلا ما شاء ربك ): « وما شاء ربك (3) فكأنه تعالى بين كونهم فى النار قدر بقاء السموات والأرضين وما شاء بعده ، وأراد الدوام ، وهذا شائع فى اللغة ، لأن أحدنا قد يقول لغيره : قد أحسنت إليك بأن أعطيتك وعلمتك ، سوى ما فعلته من تربيتى لك ، وإلا ما أعطيتك كيت وكيت ، فيكون المراد بالجميع الإثبات.

** 347 مسألة :

فقال : ( إن ربك فعال لما يريد ) وهذا يدل على قولنا فى أن مراده لا بد من أن يقع.

والجواب عن ذلك : أن ظاهره يقتضى أنه فعال لما يريد ، ولم يبين ما يريد أن يفعله أو يفعله الغير ، أو يحملهم عليه ، فلا ظاهر للكلام يصح تعلقهم به.

وبعد ، فإن ظاهر الكلام يقتضى أنه فعال لما يريد أن يفعله ؛ لأن ذكر

صفحة ٣٨٦