قيل : إنه لم نستدل بحال من وردت فيه ، وإنما تعلقنا بظاهر الكلام من حيث اقتضى أن نفى التقبل هو لأجل الفسق ، من غير تخصيص فسق من فسق ، وفاسق من فاسق.
فإن قال : فقد قال بعده : ( وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ) (1). وهذا يدل على أن المانع من التقبل كفرهم.
قيل له : لا يمتنع أن يكون ذلك مانعا ، والفسق كمثل ، حتى لو انفرد كل واحد يمنع من التقبل ، فالكلام سليم.
وبعد ، فقد ضم إلى الكفر ما يجرى مجرى الفسق ، فقال : ( ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ) وذلك يحقق ما قدمناه.
فإن قيل : إنه جعل المانع من التقبل كفرهم وتركهم الصلاة وأنهم لا ينفقون إلا مع الكراهة ، فلا يجوز أن يجعل المانع إلا الكل معا.
قيل له : إن الذى تقدم ذكره يقتضى أنه ذكر الجميع من حيث يمنع كل واحد من التقبل ، كما أنه إذا ذكر أنواعا من المعاصى وعلق الوعيد بها ، فهو يتعلق بكل واحد منها. وكذلك ما قلناه.
فإن قال : فإنه تعالى بين أنهم لا ينفقون إلا وهم كارهون ، فيجب أن يكون هذا هو المانع من التقبل ؛ لأن كل من أنفق على هذا الوجه لا يتقبل منه ذلك على كل حال.
قيل له : فهذا يوجب أن لا يكون للكفر ولا للفسق تأثير فى ذلك ، وقد
(م 22 متشابه القرآن).
صفحة ٣٣٧