وسوء اختيارهم ، فلا يجوز أن يراد به نفس الكفر والصرف عن الإيمان ، على ما يذهبون إليه!
** 289 مسألة :
جعل كلمته العليا و « الجعل » يقتضى بظاهره (1) الإحداث ، فيجب أن يدل ذلك (2) على خلقه أفعالهم ، فقال تعالى :
( وجعل كلمة الذين كفروا السفلى ، وكلمة الله هي العليا ) (3)
والجواب عن ذلك : أن ظاهره لا يقتضى أنه جعل نفس كلمتهم ، وإنما يقتضى أنه جعلها سفلى ، فهو كقول القائل : جعلت زيدا قائما ، [ فى ] أن ذلك يقتضى إضافة قيامه إليه دون ذاته.
وقد علمنا أن وصف الكلمة بذلك مجاز ، لأن السفل والعلو إنما يصح فى الأجسام ، فلا بد من الاعتراف بأن الكلام مجاز ، فالمراد بذلك أنه تعالى حكم فى كلمتهم أنها بهذه الصفة ، من حيث أبطلها وذم عليها وأزال تأثيرها وبين حالها ، وهذا كقوله تعالى : ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ) (4) لما وصفوها بذلك ، وإن علم أنه يستحيل منهم خلق الملائكة وإنشاؤهم.
** 290 دلالة :
يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون ) (5) يدل على أنهم كذبوا فى قولهم : ( لو استطعنا لخرجنا معكم ) ولا يكونون فى ذلك كذبة
صفحة ٣٣٠