الكفار دون المؤمنين ، وذلك يوجب فى كل قتل أن يكون تعالى فعله ، وأن يوصف بأنه قتل الأنبياء والصالحين!
ويلزمهم أن تكون الأسماء المشتقة من هذه الأفعال لله تعالى دون العبد ، وهذا مما لا يبلغه مسلم ؛ لأن القوم إن أضافوا الفعل إلى الله ، فمن قولهم إن الظالم القاتل المجبر هو العبد ، دونه ، لعلل باطلة يذكرونها فى ذلك! والآية تنقض هذا القول منهم ، فتعلقهم بظاهرها لا يمكن.
ويجب بالآية أن لا يجوز وصف العبد بأنه قتل وهو قاتل ، وهذا مما لا يقول به أحد ، ويوجب أن يكون تعالى هو الموصوف بأنه رمى ؛ من الرمى الواقع من العبد.
وفى ذلك ما قدمناه من وجوب وصفه تعالى بكل اسم مشتق من فعل العبد!
وبعد ، فإن حمله على ظاهره يوجب التناقض ؛ لأنه تعالى أثبت الرمى له بقوله : ( إذ رميت ) ثم نفاه عنه بقوله : ( وما رميت )، ( ولكن الله رمى )، فلا بد من تأويله على خلاف الظاهر ، ومتى وجب الدخول فى التأويل بطل التعلق لهم بالظاهر!
والمراد بالآية : أنه تعالى بين للمؤمنين أن ما فعلوه من قتل الكفار ، لم يكن على جهة الاستبداد منهم وبحولهم وقوتهم ، وأنهم وصلوا إليه بمعونته تعالى وألطافه ؛ لأنهم لو لم ينصرهم بالإمداد بالملائكة ، والربط على القلب وتثبيت القدم ، وإلقاء الرعب فى قلوب الكفار ؛ لم يتم لهم من قتلهم ما تم ، وقد بينا جواز إضافة الطاعة إليه تعالى إذا وقعت بتيسيره وألطافه ومعونته ، فلا وجه لإعادة ذكره (1).
صفحة ٣١٨