299

زيادات المعجزات التى يظهرها على الأنبياء عليهم السلام ، بعد ما أقام الحجة بالمعجز الأول ، وأزاح العلة عما عداها ؛ لأن الغرض فى إظهارها أن يعلم من حال من يشاهدها أنه لا يؤمن عندها ، « ولولاها كان (1) لا يؤمن ، فإذا كان المعلوم من حاله أنه لا يؤمن على كل حال لم يكن لإظهارها (2) معنى ، ولا لمشاهدته لها وجه ، فيصرفه عنها بأن لا يظهرها ، أو بأن يظهرها بحيث يشاهدها غيره ممن ينتفع بها ولا يشاهدها هو لحاجز أو لضرب من التشاغل. ولهذا قال تعالى بعده : ( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ) (3) فنبه على أنه إنما صرفهم عنها لتكبرهم ، ولأن المعلوم أنهم لا يؤمنون عند شيء منها ، وهذا تصريح بما ذكرناه ، ومتى (4) حمل على هذا الوجه كان حملا له على ظاهره.

وقد يجوز أن يحمل ذلك على أنه يصرفهم (5) عما يستحقه من تمسك بالآيات ، من العز والكرامة والرفعة ؛ لأنهم إذا تكبروا فى الأرض بغير الحق ، فلا بد من أن يصرفهم عن ذلك ، ويكون صرفه لهم فى ذلك كالموجب عن تكبرهم ، ولذلك قال فى آخر الآية : ( ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ).

وقد قيل : إن المراد أنه يصرفهم عن الآيات (6) بالهلاك والاستئصال ، لأن ذلك أحد وجوه صرفهم عن الآيات ، وكل ذلك يبطل ما تعلقوا به.

ولو كان تعالى يصرف عن الأدلة وعن الإيمان بخلق الكفر ، كان لا يجوز أن يذم الكافر على كفره ، ويخبر بأنه يفعل ذلك به لتكبره ، ولأنه كذب ، وكان لا يصح تعليق صرفه عن (7) الآيات بمن كذب وتكبر ، لأنه

صفحة ٣٠٠