294

وقد قيل : إنه سأل الرؤية لنفسه ، وأن ذلك لا يمتنع أن لا يعرفه النبى ، أو يطلب الزيادة فى المعرفة « بزيادة الأدلة (1): وترادفها ، لأنه من الباب الذى يعرف ذلك بالسمع.

والوجه الأول أولى ؛ لأن الأنبياء عليهم السلام لا يجوز أن يجهلوا ما يرجع إلى معرفة الله تعالى ، لما فى ذلك من التنفير عنهم ؛ لأنه يؤدى إلى جواز أن يسألوا عن ذلك فيجهلوه وغيرهم يعرفه.

فإن قال على الجواب الأول : أفيجوز أن يسأل عن قومه اتخاذ الصاحبة والولد ، وأن يكون جسما ينتقل ويصعد وينزل ، لكى يرد الجواب من قبله عليهم؟ وإن امتنع ذلك عندكم فيجب مثله فى الرؤية ؛ لأن حالهما فى استحالتهما عليه تعالى واحد.

قيل له : إن فى شيوخنا من أجاز ذلك ، إذا غلب على ظن النبى « أنه إذا ورد (2) الجواب عنه تعالى يكون القوم إلى معرفته وتدبره أقرب ، ويكون ذلك فى جوازه وامتناعه موقوفا على اجتهاد النبى عليه السلام ، وما يؤدى إليه رأيه ، ويورد لفظ المسألة على الحد الذى لا يوهم الجهل بما سأل.

ومنهم من امتنع من ذلك ، وفصل بينه وبين الرؤية ، بأن مع (3) الجهل بهذه الأمور لا يصح معرفة الله تعالى على حد يمكن أن يستدل بكلامه ، لأنه إنما يصح ذلك بعد العلم بالتوحيد ، وبعد العلم بأنه تعالى لا يختار القبيح ، فالجواب إذا ورد عن الله تعالى لم يمكنهم الاستدلال به على وجه ، فلا تقع به الفائدة الملتمسة ،

صفحة ٢٩٥