184

يفعل شقاق بينهما فنصب الحكمين فى ذلك عبث ، وإرادتهما الإصلاح كمثل ، لأنه متى فعل ذلك حصل (1) ما بينهما من الشقاق ، كان ذلك من الحكمين أو لم يكن ، و (2) إن لم يختر تعالى ذلك فيهما لم يحصل بينهما شقاق كان الحكمان وإرادتهما الصلاح أو لم يكونا ، فما الفائدة على قولكم فى بعثة الحكمين ونصبهما وإرادتهما الصلاح؟ ويجب ألا يكون للتوفيق معنى ، لأنه تعالى إن خلق فيهما قدرة الشقاق ، فلو فعل من الألطاف ما لا نهاية له لم يقع منهما الإصلاح ، وإن لم يخلق ذلك وقع ، فما الفائدة فى التوفيق؟

وكيف يجوز أن يعلق التوفيق بإرادة الصلاح على مذهبهم ، وإنما يجب أن يكون موقوفا على خلق قدرته تعالى فيهما على ذلك ، لأنه إن لم يخلقها (3) لم يوجد التوفيق وإن أرادا (4) الإصلاح ، وان خلقها وجد وان لم يريدا (5)، فكيف يجعل ذلك كالشرط؟ وإنما يصح ذلك على قولنا من حيث قد علم من حال المكلف أنه قد يختار الأفعال عند دواع وأغراض ، وقد تكون من فعله ومن فعل غيره ومن خلق الله تعالى ، فإذا علم تعالى ذلك من حاله صح أن يخبر عنه.

** 155 دلالة :

.. [40] دل على أنه تعالى لا يختار فعل القبيح على وجه من الوجوه ، لأن ذلك مبالغة فى نفى القبائح عنه وتنزيهه عن الظلم. وقد بينا القول فى ذلك وشرحناه (6)، ومن عجيب الأمور أن ينزه نفسه عن « أن يظلم (7)

صفحة ١٨٥