خلاف ما يأتى بعدها ، فإن جاء بعدها إثبات فالمراد النفى ، وإن جاء النفى (1) فالمراد الإثبات ، ولذلك لا يجوز أن يقول أحدنا : لو كان زيد عندنا لأكلنا (2) إلا وزيد ليس عنده ، فإذا صح ذلك دل ظاهر الكلام على أنه تعالى لم يشأ (3) إعناتهم ، ولو كان قد أراد الكفر وسائر المعاصى لكان قد شاء ذلك لا محالة.
والإعنات : هو ما يؤدى إلى المضرة على وجه مخصوص ، فإذا كان عندهم أنه تعالى قد أراد جميع ما يقع من ذلك ، فكيف يصح أن ينفى أن يكون شائيا له؟ وهذا يدل على نفى المشيئة من كل وجه ؛ لأن هذا حق الكلام إذا دل على النفى.
ولا يجرى مجرى قوله تعالى : ( وما تشاؤن إلا أن يشاء الله ) (4) وإلى ما شاكله ؛ لأن ذلك فى الإثبات إنما يدل على أنه قد شاء ، ولا يستغرق جميع وجوه المشيئة ، وهذا بين فى اللغة فى الفرق بين النفى والإثبات.
** 69 دلالة لنا :
والمغفرة ) (5) يدل على أنه إنما (6) أراد من عباده ما يؤديهم (7) إلى الجنة ؛ لأن الدعاء إنما يفارق التهديد دون غيره ؛ لأن لداعى يريد ما دعا إليه ، ولا يفارقه بالصيغة ؛ لأنها قد تكون واحدة.
** 70 وقوله تعالى :
صفحة ١٢٣