فأجاب الله عليهم بقوله: {لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا(21)} [الفرقان]، فذمهم الله سبحانه على طلبهم رؤيته ووصفهم بأنهم استكبروا وعتوا عتوا كبيرا بطلبهم ذلك؛ فليس هذا الذم من الله والرد عليهم إلا لأنه تعالى لا يمكن رؤيته ولا تجوز.
لأنه سبحانه وتعالى لا يذم في كتابه الكريم إلا على القبائح والمعاصي.
وقد ذكر الله في آخر الآية من الذي تجوز رؤيته، فذكر أن الملائكة هم الذين تجوز رؤيتهم عند حضور الموت فقال تعالى: {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا(22)} [الفرقان].
إذا فالاستكبار الذي ذكره والعتو في قوله تعالى: {لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا(21)} [الفرقان]، هو بسبب طلبهم رؤية الله سبحانه وتعالى لأنه لا تجوز رؤيته.
بينما لم يصف الله قوم عيسى بمثل ما وصف به هؤلاء لأنهم لم يطلبوا شيئا غير جائز، بل استجاب لطلبهم، حيث طلبوا أن ينزل عليهم مائدة من السماء فقالوا لعيسى: {هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين(112) قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين(113) قال الله إني منزلها عليكم} [المائدة].
صفحة ١٧٧