فهزت رأسها وقالت: كلا يا ابنتي، لا أظن أنه يعود.
وقد ضمتها إلى صدرها والدموع تهطل من عينيها وهي تقول: يجب أن نهرب منه يا ابنتي، وسنذهب إلى إيطاليا، فماذا تقولين؟
فلم تجبها بشيء.
وفي اليوم التالي عادت إليها عمتها وقد تعالى النهار، فوجدتها لا تزال في موضعها فقالت لها: إنه لم يعد يا ابنتي فلا تفتكري به، واجعلي كل اهتمامك بولدك جيرار.
فجعلت تنظر إليها نظرات المجانين، وقد ضحكت ضحكا عصبيا وجف له قلب عمتها فقالت لها: تشجعي يا ابنتي وكفى.
فعادت إليها حالتها الطبيعية وقالت لها: أنت تعلمين أني أحبك، فاطمئني ودعيني وحدي؛ فإني في حاجة إلى الانفراد.
فخرجت عمتها وهي تبكي، وحانت الساعة الحادية عشرة دون أن يأتي بوفور، فاسترسلت إلى اليأس، غير أن يأسها لم يطل؛ فقد رأته من النافذة قادما فقالت: رباه! أهو حلم ما أراه؟ أم لعله قرأ حكايتي وغلبه الحب فصفح؟ نعم، إنه يحبني بالرغم عن زلتي فهو لا شك أشرف الرجال.
وقد كادت تسقط مغميا عليها حين دخل بوفور لو لم يسرع إلى إعانتها.
وقد أجلسها على كرسي وركع أمامها فقال لها: لقد رأيت يا مرسلين أني عدت إليك فهل تريدين أيضا برهانا على حبي؟
قال هذا القول جوابا على ما اقترحته عليه من قبل، وهو قولها له: «إنك إذا عدت بعد ثلاثة أيام كنت حقيقة تحبني بالرغم عن الموانع.» أما مرسلين فقد اعتقدت أنه يجيبها على كتابها الذي أباحت له فيه بسرها، وقد اشترطت فيه ألا يقول لها كلمة عما مضى إذا صفح ورضي بعد ذلك أن يكون زوجها، فذهب انقباض نفسها واستحال إلى زهو وانتعاش، فكانت كالزهرة التي تصيبها أشعة الشمس فتحييها.
صفحة غير معروفة