ما الفضل إلا لمن طابت شمائلها
وألهمت في صباها دقة النظر
فقلدت بحلي العلم لبتها
وكحلت ناظريها فيه بالسهر
وزانها حسن ألفاظ إذا نثرت
على ترائبها أبهى من الدرر
وظل يرشدها العلم الذي علمت
فكل أعمالها نفع بلا ضرر (16) ملكة تخدم نفسها
اعتصبت الخادمات في قصر ملك أسبانيا، فأضربن عن العمل، وتركن القصر ، فاهتم الملك لذلك، أما الملكة فلم يهلها ما رأت، بل قالت: لا يهيم الملك بمثل هذا، وليعلم أن عملا تقوم به جماعة من الجاهلات لا يصعب على مثلي القيام به، ثم قامت فجهزت طعاما كان على قلب الملك أشهى من كل طعام غيره، لا لأن الملكة صنعته، ولكن لإتقان صنعته، ولذة طعمه، فإن الملكة لم يمنعها كل ما تعلمت من العلوم الراقية من تعلم تدبير المنزل، فأعملت فكرتها فيه، وساعدها اتساع عقلها بالمعارف على إتقان ما أرادات منه، فنالت العلم والعمل.
ولما رأت الخادمات أن الملكة قد استغنت عنهن بمعرفتها، عرفن قدرها، وعدن صاغرات خاضعات لأمرها، وكن من ذلك اليوم يجتهدن في تحسين ما يصنعن وإتقانه، علما منهن أن سيدتهن لها دراية تامة بكل ما يصنعن، فهي تعرف هفواتهن فيه وتنتقدها، فكن على حذر من ذلك. (17) المعلم والمتعلم
صفحة غير معروفة