المكروه معين على ذلك، فتزكو النفس بذلك، كما يزكو الزرع إذا نقي من الدغل.
وطريق الوصول إلى ذلك: هو الاجتهاد في فعل المأمور وترك المحظور، والاستعانة بالله على ذلك: فمن فعل ذلك وصل إلى حقيقة الإيمان؛ لقوله ﷺ: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله» بعد قوله: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» (١) .
[ترك بعض المباحات من الزهد]
وقال لي يوما شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية، وإن لم يكن تركه شرطا في النجاة. أو نحو هذا من الكلام (٢) .
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ يقول: لمت بعض الإباحية فقال ذلك (٣)، ثم قال: والكون كله مراده، فأي شيء أبغض منه؟.
[احتجاج بعض الصوفية الإباحية بالإرادة الكونية]
قال الشيخ: فقلت له: إذا كان المحبوب قد أبغض أفعالا وأقوالا وأقواما وعاداهم فطردهم ولعنهم فأحببتهم تكون مواليا للمحبوب أو معاديا له؟ قال: فكأنما ألقم حجرا، وافتضح بين أصحابه، وكان مقدما فيهم مشارا إليه (٤) .
(١) مختصر الفتاوى ص١٤٤، ١٤٥ موجود بعض معناه في المجموع انظر الفهارس جـ١/٢٠٢.
(٢) مدارج جـ٢/٢٦ وللفهارس العامة جـ١/٢٠٢.
(٣) قال: المحبة نار في القلب تحرق ما سوى مراد المحبوب.
(٤) مدارج جـ٣/١٤ وللفهارس العامة جـ١/٢٠٢.
1 / 162