10
بإزاء البلغم - واليم
11
بإزاء السواد - فإذا اعتدلت أوتاره، ورتبت على ما يجب، جانست الطبائع وأنتجت الطرب، وهو رجع النفس إلى الحالة الطبيعية دفعة واحدة. ثم ما زالت عدة أوتاره أربعة إلى أن ظهر زرياب وتعلم ضرب العود من إسحاق الموصلي وتمهر فيه حتى برع وفاق أستاذه وصبغ الأوتار الأربع بألوان ما هو بإزائها من الطبائع - فجعل ما بإزاء السوداء أسود - وما بإزاء اليم أحمر - وما بإزاء البلغم أبيض - وما بإزاء الصفراء أصفر، وزاد وترا خامسا سماه: النفس؛ لعدم قيام الطبائع الأربع بدونه.
ولما أن علم إسحاق أستاذه بهذا الأمر؛ قال: إن العراق لا يسعني ويسعك فاخرج منه. فخرج ولحق بالحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل أمير الأندلس، فبالغ في تكرمته وركب للقائه وأسنى له الجوائز والإقطاعات والجرايات، وأحله من دولته وندمائه بمكان - وهو الذي اخترع بالأندلس مضراب العود من قوادم النسر عوضا عن مضراب الخشب - فأبدع في ذلك للطف الريشة، وخفتها على الأصابع وطول سلامة الوتر على كثرة ملازمتها إياه - فأورث بالأندلس صناعة الغناء ما تناقلوه إلى أزمان الطوائف، وطما منها بإشبيلية بحر زاخر وتناقل منها بعد ذهاب غضارتها إلى بلاد العدوة بإفريقية والمغرب، وانقسم على أمصارها، وبها الآن منها صبابة على تراجع عمرانها وتناقص دولتها.
وقيل: إن أول من غنى على العود من العرب بألحان الفرس.. النضر بن الحارث؛ وذلك أنه وفد على كسرى، فتعلم ضرب العود والغناء وقدم مكة فعلم أهلها.
وقيل: إن أول من غنى في الإسلام بألحان الفرس طويس؛ وذلك أن عبد الله بن الزبير لما بنى الكعبة ورفعها، كان في بنائها صناع من الفرس يغنون بألحانهم، فوقع طويس عليها الغناء العربي، ثم دخل الشام فأخذ من ألحان الروم - ثم رحل إلى فارس فأخذ الغناء وضرب بالعود وأتبعه من بعده.
وفي (أوائل السيوطي) أن أول صوت غني به في الإسلام كن يغني به طويس:
قد براني الشوق حتى
كدت من وجدي أذوب
صفحة غير معروفة