طرق باب العيادة، ثم دخلت ريكو إلى غرفة الانتظار وهي تترنح مرتدية معطف مطر وريوئتشي يسند كتفها. اندهشت من زرقة وشحوب وجهها مع معرفتي به من خلال اتصال ريوئتشي. ليس هذا فقط بل حتى بعد جلوسها على الأريكة لم تنظر ريكو إلى وجهي مباشرة ولم تلق تحية اللقاء بعد غياب طويل، وكانت مطأطئة الرأس ترتعش مثل المذنبين. لم تكن درجة حرارة الجو باردة تلك الليلة بل على العكس من ذلك كانت مرتفعة مع رطوبة أعلى من المعتاد، لدرجة أنني شغلت مكيف الغرفة البارد.
قال ريوئتشي: «معذرة ولكن هل يمكن إطفاء المكيف؟»
ذهبت لإطفاء المكيف ثم عدت ووضعت يدي على جبهة ريكو. لم تكن بها حمى.
ولقد اندهشت من نفسي جدا أنني استطعت لمسها تلك اللمسة الطبيعية بطريقة وظيفية جدا بصفتي طبيبا، بدون أية درجة من التأثر. عندما ذهبت لإطفاء مكيف النافذة كنت، على الأرجح، أحسب حساب حركتي التالية، حقا إن لمس تلك الجبهة البيضاء بعد غياب طويل، يشبه الحلم. ولكن عندما فعلت ذلك لم يكن إلا مجرد سلوك يومي معتاد، وكانت ريكو كذلك على نفس حالها مطأطئة الرأس بعناد. - «الآنسة ريكو فقط هي التي تدخل بمفردها غرفة التحليل النفسي، يمكنك يا سيد إغامي الانتظار هنا، ولكن سيستغرق الأمر وقتا طويلا؛ لذا فمن الأفضل أن تذهب لمشاهدة فيلم في دار السينما.» - «أجل، سأفعل ما يروق لي.»
قال الشاب إغامي ذلك بلا وعي وهو يستمع إلى أنفاس ريكو المهتاجة.
لم أبد قلقا عليها أو أسألها هل تتألمين؟ وعندما حاول ريوئتشي أن يسندها حتى غرفة التحليل النفسي منعته من ذلك بنظرة من عيني. ثم بدا ذلك من النظرة الأولى فعلا قاسيا، ولكنني لاحقت ريكو وهي تنهض من جلستها بقوتها الذاتية بصعوبة بالغة، وضغطت على صدرها بيد واحدة تأخذ نفسها المكتوم، ثم استندت بيدها اليمنى من حائط إلى حائط لتصل في النهاية إلى باب غرفة التحليل النفسي.
وبجانبي أكيمي بمعطف التمريض الأبيض تحملق في ظل ريكو الخلفي بفضول كبير كأنها تفخر بالنصر عليها.
30
الاستعجال في غرفة التحليل النفسي من المحرمات، وكذلك السلوك الاستبدادي، والفرض من طرف واحد، من المحرمات أيضا، ولكن ليس، بالضرورة، تكرار العلاج الملتزم بالقواعد نفسها تكرارا آليا، هو الطريقة المثلى التي لا تعلوها طريقة.
ويشبه هذا العلاقة الطبيعية بين البشر؛ يحدث أحيانا ركود بدون تقدم للأمام، وأحيانا أخرى يحدث تقدم مفاجئ وسريع يؤدي إلى نهاية درامية. والآن ليس أمامي إلا أن أفكر في أن ثمة حتمية قوية في مجيء ريكو هكذا.
صفحة غير معروفة