بعد أن خرجت ريكو من العيادة، شعرت بدافع يريد اللحاق بها في الحال، ولكنني عندما فكرت في أكيمي لم أستطع فعل ذلك. وشعرت وقتها بألم أن أكيمي قيد حقيقي علي. لقد كنت أظن أنني شبه مستغل لأكيمي؛ لأنها امرأة تناسب حالتي، ولكن في الواقع كنت أنا - تحت خداع وهم الحرية - من قيدت يداه وقدماه بواسطة أكيمي.
وكما توقعت؛ في نفس اللحظة التي رحلت فيها ريكو، ظهرت أكيمي وقالت عنها أقذع السباب: «ماذا حدث لتلك المريضة؟ تحمل حقيبة سفر وتتبختر بها.» - «تقول إنها جاءت لإلقاء التحية؛ لأنها ذاهبة بمفردها إلى منتجع للنقاهة.» - «بمفردها؟ لا تمزح معي! من المؤكد أن رجلا ينتظرها في محطة القطار. بل ومن المؤكد أنه جندي أمريكي أسود أو ما شابه، ولذلك لم تكن ترغب أن يراه طبيبها.»
لقد أطلقت تلك الكلمات شرارة لشيء ما داخل قلبي. لقد كشفت كلمات أكيمي أن هذه الشكوك كانت كامنة داخلي عندما حاولت ملاحقة ريكو لدى خروجها من الباب أمام عيني. كانت أكيمي كأنها صوت عقلي الباطن، انتبهت إلى ما في قلبي من أسرار أسرع مني أنا.
في تلك اللحظة دقت عبر النافذة دقات الساعة تعلن الثانية عشرة.
فقالت: «إنها راحة الظهيرة. ألا نذهب لنتناول وجبة الغداء في مكان ما؟»
من المعتاد أن نذهب أنا وأكيمي عدة مرات في الأسبوع للطابق أسفل الأرض في هذا المبنى، ونتناول معا وجبة بسيطة في مطعم للأكل الصيني أو مطعم للأطباق المفضلة أو مطعم سوشي، ولكن في الوقت الذي أريد الانهماك في البحث، أطلب وجبة خفيفة من خدمة توصيل الوجبات، وأنهي غدائي هنا في العيادة، أو تذهب أكيمي للخارج مع المساعد كوداما، أو أخرج أنا لتناول الغداء بمفردي، وتختلف الحالة حسب الظروف. ولم أفلت تلك الفرصة الجيدة. فقلت وأنا أجتهد في صناعة ملامح الجدية والتجهم على وجهي: «كلا، لا داعي؛ لأنني سأذهب اليوم لتناول الغداء بمفردي.»
كان سلوكي هذا المتشبث بالعزلة هو السلوك الطبيعي بعد قول أكيمي التهكمي. ... بعد الخروج من المبنى - وخوفا من عين تراقب مسيري من نافذة الطابق الرابع - درت خلف المبنى وبحثت عن تاكسي. ولم أعد أستطيع التفرقة بين دناءة سلوكي كفرد وغريزة البحث العلمي كطبيب بعد أن اختلطا معا. وفي الأصل لا يمكن التستر على هذا السلوك بحجة تدعي أنه بحث علمي يخص المريضة.
من السهل القول إن مشاعري اشتعلت غضبا من الغيرة والسخط. ولكن على العكس كان طعم الهزيمة هنا أكثر مرارة، ومن الأصدق القول إنني تحركت بدافع إيذاء نفسي أكثر وأكثر بجعلها ترى تعاستي وبؤسي رأي العين.
عندما نزلت من التاكسي عند بوابة «يائسو» لمحطة طوكيو المركزية، كان الوقت ما زال الثانية عشرة والنصف. إن كانت ريكو ستسافر بمفردها، فإعداد هدية وداع بسيطة ستكون حجة مناسبة، عثرت على مكتبة لبيع الكتب ضمن محلات المحطة، واشتريت نسخة جيب من كتاب «المرأة والتحليل النفسي» أصدره مؤخرا أحد أصدقائي من المحللين النفسيين وهو كتاب موجه للعامة بشرح في غاية البساطة. وهذا الكتاب من بين كتب شرح التحليل النفسي التي صدرت مؤخرا؛ ويستحق المدح والثناء (مع اعتراضي فقط على رسوم المانغا الداخلية التي تستخدم في الشرح) فهو يشرح شرحا سهلا جدا، ويعرف بطريقة ماهرة جدا أحدث النظريات العملية.
كنت قد نقشت داخل ذاكرتي بوضوح رقم عربة القطار الرابعة ورقم المقعد
صفحة غير معروفة