قالت ريكو: «أجل أرجو أن نتكلم داخلها. لقد جئت إلى طوكيو خصيصا بسبب رغبتي في دخول تلك الغرفة، ولذلك أتيت إلى هنا مباشرة.»
وسبب عدم قولها: «بسبب رغبتي في رؤيتك يا دكتور.» هو إما الخجل، وإما المشاكسة، لا يتضح ذلك تماما، ولكنها عندما سمعت كلمة غرفة التحليل النفسي، ظهرت الفرحة في عينيها كأنها طفلة وعدت بإعطائها حلوى، مما أعطاني قوة.
وفي تلك اللحظة ظهرت أكيمي في ملابس التمريض البيضاء، وقالت بدون حتى أن تبتسم: «أهلا، لقد غبت كثيرا. أرجو أن تدفعي أجرة العلاج عن الأيام التي تغيبت فيها.»
فقلت لها: «يمكن فعل ذلك فيما بعد.» «كلا؛ لأن دفع أجرة الجلسات بانتظام هو جزء من العلاج.»
قالت أكيمي ذلك في عناد وتصميم، ثم أخذت منها الأجرة، وتركتها أنا تفعل ما يحلو لها؛ لأنه بدا أن أكيمي سترتاح إن هي أخذت منها أجرة العلاج. ... دخلت ريكو غرفة التحليل النفسي وجلست على الكرسي، ثم دارت ببصرها حول الغرفة التي ليس بها أية زينة على الإطلاق، وقالت مع تنهيدة عميقة: «يعم السلام هنا دائما. ما من مكان آخر ترتاح فيه نفسي هذا الارتياح.» «أليس الجو حارا أكثر مما يجب؟ هل أفتح النافذة؟» «بلى، ليس حارا. الحال أفضل هكذا، كما هو.»
ثم تمطت بجسمها في راحة. وعندها؛ ويا للعجب! فقد انطباع الجسد الذي كان موجودا في غيابها، وأصبح الذي أمامي حاليا لا يزيد على كونه حزمة أعصاب متوترة مجددا، ونفسا متشابكة ومعقدة؛ مثل كرة من الصوف المعقد. «لقد فهمت جيدا ما حدث لك من خلال رسالتك. هل ثمة شيء لم تستطيعي كتابته في الرسالة؟» «سواء كتبت أو لم أكتب فأنت يا دكتور على علم بكل شيء؛ ولذا فالأمر سيان. لقد شعرت أن قضائي كل يوم بنفس تلك المشاعر سيجعل المرض يعود ليظهر ثانية ...» «هل ظهرت بوادر لأعراض مرضية؟»
أجابت بصوت متغير فجأة: «كلا، لا شيء البتة. أشعر أنني لم يسبق لي أن كنت بهذه الحالة من الصحة الجيدة التي أنا عليها منذ مرافقتي لخطيبي شون في مرضه حتى الآن.»
وافقتها على ذلك موافقة غامضة قائلا: «هذا أمر جيد جدا.» «ولكن يا دكتور، بالنسبة لي شعرت بشعور غريب من حالة الحداد اليومية. وأعتقد أنك تفهم سبب ذلك؛ فلقد مرضت خطيبي بجدية تامة، وأنا أدعو من كل قلبي أن يشفى بأي طريقة، وعندما مات - ومع أنني غرقت في حزن لا مثيل له - فإن جزءا من قلبي كان في حالة من السعادة ملأت حياتي كل يوم، لدرجة أنني لم أعرف كيف أتعامل معها. لا داعي لذكر أن كل مشاعري تنطلق من حقيقة إدراكي جيدا أنه لن ينجو من الموت. من المؤكد أنني استمت في تمريضه وفي الدعاء له، وفي الحزن عليه؛ وأنا أعتمد على ذلك الشعور بالأمان والاطمئنان.
إن سبب إصابتي بالذهول عندما مات، أنني أحسست بألم قاس؛ لأن وداعه يعني أن أودع السعادة التي عشتها لفترة قصيرة الوقت. وعندها لم أستطع أن أفرق مطلقا بين مشاعر الأنانية والحزن النقي البريء بسبب فراق الحبيب الذي مات. ولأنني - ودون أن أنتبه - جعلت خطيبي الذي كنت أكرهه بشدة يتحد مع شعوري المبهم بالسعادة.
سأقول لك شيئا يصعب جدا قوله.
صفحة غير معروفة