160

مشكل الحديث وبيانه

محقق

موسى محمد علي

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٩٨٥ هجري

مكان النشر

بيروت

وَقد تأولت الْمُعْتَزلَة ذَلِك على معنى رُؤْيَة الْعلم وَأَن الْمُؤمنِينَ يعْرفُونَ الله يَوْم الْقِيَامَة ضَرُورَة وَهَذَا خطأ من قبل أَن الرُّؤْيَة إِذا كَانَت بِمَعْنى الْعلم تعدت إِلَى مفعولين وَذَلِكَ كَمَا قَالَ الْقَائِل رَأَيْت زيدا فَقِيها أَي عَلمته كَذَلِك
فَإِذا رَأَيْت زيدا مُنْطَلقًا فَلَا يفهم مِنْهُ إِلَّا رُؤْيَة الْبَصَر وَقد حقق ذَلِك أَيْضا بِمَا أكده بِهِ من تشبيهه بِرُؤْيَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر وَتلك رُؤْيَة الْبَصَر لَا رؤيه علم
وعَلى أَن النَّبِي ﷺ إِنَّمَا يبشر الْمُؤمنِينَ من أَصْحَابه بذلك وَذَلِكَ يُوجب أَن يكون معنى يختصون بِهِ
وَأما الْعلم بِهِ فمشترك بَين الْمُؤمنِينَ والكافرين يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ يبطل معنى بشارته للْمُؤْمِنين بِالرُّؤْيَةِ وَذَلِكَ أَن تِلْكَ الرُّؤْيَة رُؤْيَة عيان
وَقد روى الْأَثْبَات مِنْهُم خُنَيْس عَن جَابر أَن النَّبِي ﷺ قَالَ ترَوْنَ ربكُم يَوْم الْقِيَامَة عيَانًا وَهَذَا يرفع الْإِشْكَال وَيمْنَع الإحتمال
لِأَن الرُّؤْيَة وَإِن كَانَت تسْتَعْمل فِي معنى الْعلم فَإِنَّهَا إِذا قرنت بِلَفْظ العيان لم يحْتَمل الْعلم وَذَلِكَ كَقَوْل الْقَائِل رَأَيْت زيدا مُعَاينَة وعيانا لَا يحْتَمل معنى الْعلم
كَمَا أَنه قَالَ رَأَيْت زيدا بقلبي لم يحْتَمل رُؤْيَة الْبَصَر
فَأَما مَا رُوِيَ فِي الْخَبَر الآخر أَن الله جلّ ذكره ينزل كل يَوْم جُمُعَة لأهل الْجنَّة على كثيب من كافور فيكونون فِي الْقرب على قدر تبكيرهم إِلَى الْجُمُعَة أَلا فسارعوا إِلَى الْخيرَات فَقَالَ مُحَمَّد بن شُجَاع
إِن هَذَا الْخَبَر مِمَّا تفرد بروايته الْمنْهَال بن عَمْرو وَهُوَ ضَعِيف جدا مَعَ أَنه إِن

1 / 221