مشكل الحديث وبيانه
محقق
موسى محمد علي
الناشر
عالم الكتب
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٩٨٥ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
علوم الحديث
﴿وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد﴾
فَمن أهل التَّأْوِيل من قَالَ مَعْنَاهُ وخلقنا الْحَدِيد
وَمِنْهُم من قَالَ إِن الْحَدِيد أَنزَلْنَاهُ على معنى النَّقْل من علو إِلَى أَسْفَل
فَأَما قَوْله ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة﴾ فَإِن إِنْزَال الْقُرْآن لَيْسَ هُوَ على معنى النَّقْل والتحويل لإستحالة الإنتقال على الْكَلَام وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنى الْإِعْلَام والإسماع والإفهام
وَقَوله ﴿هُوَ الَّذِي أنزل السكينَة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ﴾
يكْشف أَيْضا على أَنه لَيْسَ كل نزُول وإنزال نقل وتحويل بل ذَلِك لفظ مُشْتَرك الْمَعْنى قد يكون نقلا وتحويلا وَيكون على غير هَذَا الْوَجْه أَيْضا على الْمُتَعَارف والمعهود بَين أهل اللُّغَة وَإِذا كَانَ اللَّفْظ مُشْتَرك الْمَعْنى وَجب التَّرْتِيب وَإِضَافَة مَا يَلِيق فِي الْمَذْكُور والمضاف إِلَيْهِ على حسب مَا يَلِيق بِهِ أَلا ترى أَنه إِذا أضيف إِلَى السكينَة لم يكن حَرَكَة وَلَا نقلة وَإِذا أضيف إِلَى الْكَلَام لم يكن أَيْضا تَفْرِيغ مَكَان وشغل مَكَان وَإِذا أُرِيد بِهِ الحكم وَتغَير الْمرتبَة فَكَذَلِك وَإِذا كَانَ مَا وصف بِهِ الرب جلّ ذكره من النُّزُول مَحْمُولا على بعض هَذِه الْمعَانِي الَّتِي لَا تَقْتَضِي لَهُ مَا لَا يَلِيق بنعته من إِيجَاب حدث يحدث فِي ذَاته وتغيير يلْحقهُ أَو نقص تمثيلا أَو تحديدا وَهُوَ أَن
1 / 203