============================================================
وتاخرت الأموال، وبشر بموافاة مال خراج فارس، فركب ينظر إليه ثم فرقه كله، فلم يبق إلا مقدار إعطاء الجند. فأمر المعلى بن أيوب بقبضة . وكان أصحابه ووزراؤه وكتابه وقواده يتقيلون لعله ويسلكون سبيله ويذهبون مذهبه فمنهم الحسن بن سهل، وكان اكرم الناس وأجودهم واكثرهم افضالا وأجملهم لنائبة وفادحة، وأصبرهم على إعطاء كل من سأله وكان خحيد بن عبدالحميد الطوسي جوادا سمحا مفضلا، ووقف ضياعا غلتها في السنة مائة ألف دينار على أهل البيوتات وذوي الأقدار، وكان لايرد أحدا . وكان غسان بن عباد سمحا فرق في يوم واحد ثلاثة عشر ألف ألف درهم، وكان إذا سأله أحد حاجة يكلم فيها المأمون، أعطاه من ماله وكلم المأمون . وكان عبدالله بن طاهر عظيم المروعة حسن الاحتمال حسن الإجمال، أمر في يوم واحد لثلاثة من أصحابه بثلاثاية ألف دينار، لكل واحد بمائة ألف دينار، ولثلاثة نفر بمائة وخسمين الفا لكل واحد بخسين ألف دينار.
وكان علي بن هشام أسمح الناس وأحسنهم مروعة، وكان مطبخه يحمل إذا سافر على سبعمائة بعير. وكان أحمد بن يوسف كاتبه عظيم المروعة، وكان الناس عامة على أخلاق حمودة وشفب الجند ببغداد فكثر ضجيجهم لتأخر أرزاقهم فخرج إليهم [عمر بن] فرج الروخجي (41) فضمن لهم أرزاق سنة، ثم دفعها إليهم من ماله . وكان أول خليفة كتب على عنوانات (42) كتبه "بسم الله الرحمن الرحيم" . وأول خليفة صير ديوان العرض للجند، وأول خليفة أرخ الكتب باسم كاتبها(42)، (وإنما كانت تؤرخ باسم المحرر، وبقيت هذه الرموز. ثم كان المعتصم وهو محمد بن هارون الرشيد، فسلك في المقالة في الدين مذهب المأمون، وكان الذي يغلب عليه الفروسية والشبه بالعجم، فليس الثياب الضيقة الأكمام فضيق الناس اكمام ثيابهم] . ولبس الخفاف الكبار والشساشي المربعة، وكان أول من لبس شاشية مربعة فلبسها الناس تشبيها به، ونسبت إليه، وقيل: الشاشي المعتصمية وكان أول خليفة ركب السروج المكشوفة واتخذ الآلات العجمية فتشبه الناس به. ولم يكن في عصره من وزراثه وقواده وكتابه من يوصف بإعطاء ولا جود ولا احتمال إلا الحسن بن سهل على تقاصر أحواله، وابن أبي دؤاد فإته كان ذا فضل ومعروف كثير، وكان ابن أبي نؤاد(41) غالبا على أمره مقدما عنده.
(41) في الأصل وفي طبعة ملوره خرج الرخجي . والتصحيح والإضافة من تاريخ اليعفوي 2: 456 - 457، 485 .
(42) في الأصل : علوانات.
(43) في الأصل : كاتبه.
(44) هو احد بن أي دؤاد بن جرير بن مالك بن عبداله بن سلام الأيادي، ولد بالبصرة حول عام 160ه/ 776ام ، ووصل الى أعلى المراكز في حهد المامون وأصبح قاضيى القضاة في حهد المعتصم والواثق . توفى في أوائل 240 ه/ 454م . انظر تاريخ اليعتوي 478، 483، ه48، 481، ابن خلكان، وفيات، 1: 891 - 91 ، المسودي، التنبيه والإشراف، 313.
08
صفحة ٢٨