============================================================
ذلك، ولم يحاول أن يذكر أو يوضح بأن الخليفة عثمان لم يكن يستحل أموال المسلمين لا له ولا لغيره من الناس، وأنه ساوى بين الناس في العطاء، وأته كان يعطي أقرباءه من ماله الخاص، وكذلك كان عماله يؤكد ذلك ما يذكره الذهبي في كتابه دول الإسلام عن الخليفة عشمان حيث يقول "وكثر الخراج على عشمان، وأتاه المال من النواحي ، فاتخذ له الخزائن بالمدينة وكان يقسم بين الناس فيأمر للرجل بمائة ألف درهم (19)، أضف إلى ذلك ما يذكره الذهيي عن بعض عمال الحليفة عشمان الذين تشبهوا به وسلكوا سبيله في الجود ومنهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله، فالزبير "كان كثير المتاجر والأموال ، وقد قيل : كان له ألف مملوك يؤدون له الخراج، فربما تصدق بذلك في جلسه"، أما طلحة فكان يدعى وطلحة الفياض، و"طلحة الجود"، يقال : وإنه فرق في يوم واحد سبعمائة ألف درهم من ماله الخاص"(20).
أنهى المؤلف هذا الفصل بذكر الأمور المتعلقة بالخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه من خلال كلمات موجزة تدل على "انشغاله بالحرب وأنه لم يلبس ثوبا جديدا، ولم يتخذ ضيعة ولم يعقد على مال، وأخذت عنه الخطب . " ومن هذا الوصف تتمايز الصور الذهنية لدى القارىء عن الخليفتين عثمان وعلي رضي الله عنهما.
كان الأحرى باليعقوي أن يعطي تفسيرا للوضع المالي لكل منهما ، فيذكر مثلا أن الخليفة عشمان كان تاجرا موسرا يتصف بالجود والكرم والتصدق بماله الخاص، وأن الخليفة علي كان يكسب ماله من كده وعرقه، وكان كذلك كريما وجوادا وأنه رحمه الله كانت له ضيعتان في ينبع جملهنا صدقة لفقراء أهل المدينة وابن السبيل بعد وفاته وفيما يلي نص كتابه في ذلك "ياقوت، بلدان،): 176): دبسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما تصدق به عبدالله علي أمير المؤمنين تصدق بالضيعتين بعين أبي نيزر والبغيبغة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل، ليقي بهما وجهه حر النار يوم القيامة، لا تباعا ولا توهبا حتى يرثهما الله، وهو خير الوارثين، إلا أن يحتاج إليهما الحسن والحسين فهما طلق لهما وليس لأحد غيرهماه من ذلك الوصف يمكن الاعتقاد - لأول وهلة - بميل اليعقوبي عاطفيا نحو الخليفة علي، وهذا أمر إن أخذ في الحسبان يمكن تفسيره بتشيع في المؤلف، خاصة إذا أخذنا بحرفية الكلام لذكره عبارة "عليه السلام، في عقب اسم الخليفة ، إلا أن ذلك ليس بالدليل القاطع ، لأن تلك العبارة ذكرت مرة واحدة فقط ، وربما تكون من فعل الناسخ . والدليل على ذلك الاختلاف بين مخطوطات كتاب البلدان لليعقوي، فيعضها يشتمل على مثل هذه العيارة أو عبارة وبعضها الآخر خال من مثل هذه العبارات، وهذا يدعونا إرجاع ذلك على من نسخ المخطوطة (19) الذبي، دول الإسلام، جا ، ص24 (20) نفس المرجع ص ص 30 - 36.
191
صفحة ١١