أعظم الخلائق بلاء وأشدهم عناء وأسدهم تسليما ورضاء صلاة دائمة واصلة إلى كل واحد بانفراده وبعد فلما كان الموت هو الحادث العظيم والأمر الذي هو على تفريق الأحبة مقيم وكان فراق المحبوب يعد من أعظم المصائب حتى كاد يزيغ له قلب ذي العقل والموسوم بالحدس الصائب خصوصا ومن أعظم الأحباب الولد الذي هو مهجة الألباب ولهذا رتب على فراقه جزيل الثواب ووعد أبواه شفاعته فيهما يوم المآب فلذلك جمعت في هذه الرسالة جملة من آثار النبوية وأحوال أهل الكلمات العلية ونبذة من التنبيهات الجلية ما ينجلي به إن شاء الله الصداء عن قلوب المحزونين وتنكشف به الغمة عن المكروبين بل تبتهج به نفوس العارفين ويستيقظ من اعتبره من سنة الغافلين وسميتها مسكنة الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد ورتبتها على مقدمة وأبواب وخاتمة- أما المقدمة فاعلم أنه ثبت أن العقل هو الآلة التي بها عرف الله [الإله] سبحانه وحصل به تصديق الرسل والتزام الشرائع وأنه المحرص على طلب الفضائل والمخوف من الاتصاف بالرذائل فهو مدبر أمور الدارين وسبب لحصول
صفحة ٣