ومدينة البرغز على ساحل بحر مايطس، وأرى أنهم في الإقليم السابع، وهم نوع من الترك، والقوافل متصلة بهم من بلاد خوارزم من أرض خراسان، ومن خوارزم إليهم، إلا أن ذلك بين بوادي غيرهم من الترك، والقوافل مخفرة منهم. وملك البرغز في وقتنا هذا وهوسنة اثنتين وثلانين وثلثمائة مسلم، أسلم في أيام المقتدر بالله، وذلك بعد العشر والثلثمائة، وذلك لرؤيا رآهأ، وقد كان له ولد حج، وورد مدينة السلام، وحمل معه لمقتدر لواء وبنودأ ومالا ولهم جامع، وهذا الملك غزا بلاد القسطنطينية في نحو خمسين ألف فارس فصاعدا ويشن الغارات حولها إلى بلاد رومية والأندلس وأرض برجان والجلالقة والإفرانجة، ومنهم إلى. القسطنطينية نحو من شهرين متصلين عمائر ومفاوز، وقد كان المسلمون حين غزوا من بلاد طرسوس من الثغر الشامي مع أمير الثغور ثمل الخادم المعروف بالزلفى ومن كان معه من مراكب الشاميين والبصريين سنة اثنتي عشرة وثلثمائة قطعوا فم خليج القسطنطينية وفم خليج آخرمن البحر الرومي لا منفذ له، وانتهوا إلى بلاد فندبة، وأتاهم في البحر جماعة من البرغز ينجدونهم، وأخبروهم أن ملكهم بالقرب، وهذا يدل على ما وصفنا أن البرغز تتصل سراياها إلى ساحل بحر الروم، وكان نفر منهم ركبوا في مراكب الطرسوسيين، فأتوا بهم إلى بلاد طرسوس، والبرغز أمة عظيمة منيعة شديدة البأس، ينقاد إليها من جاورها من الأمم، والفارس ممن قد أسلم مع ذلك الملك يقاتل المائة من الفرسان والمائتين من الكفار، ولا يمتنع أهل القسطنطينية منه في هذا الوقت إلا بسورها، وكذلك كل من كان في هذا الصقع لا يعتصم منهم إلا بالحصون والجدران، والليل في بلاد البرغز في نهاية من القصر في بعض السنة، ومنهم من زعم أن أحدهم لا يستطيع أن يفرغ من طبخ قدره حتى يأتي الصباح، وقد ذكرنا فيما سلف من كتبنا علة ذلك من الوجه الفلكي، وعلة الموضع الذي يكون الليل فيه ستة أشهر متصلة لا نهار فيه، والنهار ستة أشهر متصلة لا ليل فيه، وذلك نحو الجدي، وقد ذكر أصحاب النجوم في الزيجات علة ذلك من الوجه الفلكي.
الروس وأجناسهم
صفحة ٧٨