فأما نيطش فإنه يمتد من بلاد لاذقة إلى القسطنطينية وطوله ألف ومائةميل، وعرضه في الأصل ثلثمائة ميل، وفيه يصب النهر العظيم المعروف بأطنابس، وقد قدمنا ذكره، ومبدأ هذا البحر من الشمال، وعليه كثير من ولد يافث بن نوح، وخروجه من بحيرة عظيمة في الشمال من أعين وجبال، ويكون مقدار جريانه على وجه الأرض نحو ثلثمائة فرسخ عمائر متصلة لولد يافث، ويسير بحر مانطش فيما زعم قوم من أهل العناية بهذا الشأن حتى يصب في بحر نيطش، وهذا البحرعظيم فيه أنواع من الأحجار والحشائش والعقاقير، وقد ذكره جماعة ممن تقدم من الفلاسفة، ومن الناس من يسمى بحرمانطش بحيرة، ويجعل طوله ثلثمائة ميل،وعرضه مائة ميل، ومنه ينفجرخليج القسطنطينية الذي يصب إلى بحر الروم، وطوله ثلثمائة ميل، وعرضه نحو من خمسين ميلا، وعليه القسطنطينية والعمائر من أوله إلى آخره، والقسطنطينية من الجانب الغربي من هذا الخليج، متصلة ببر رومية والأندلس وغيرهما فيجب والله أعلم على قول المنجمين من أصحاب الزيجات وغيرهم ممن تقدم، أن بحر البلغر والروس، وبجنى وبجناك وبغرد، وهم ثلاثة أنواع الترك هو بحر نيطش، وسيأتي ذكر هؤلاء الأمم فيما يرد من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى على حسب استحقاقهم في ذكرهم، واتصال عمائرهم، ومن يركب هذا البحر منهم ومن لا يركبه، والله أعلم.
ذكر بحر الباب والأبواب والخزر وجرجان وجمل من الأخبارعلي ترتيب البحار
بحر الأعاجم
فأما بحر الأعاجبم الذي عليه دورها ومساكنها فهو معمور بالناس من جميع جهاته، وهو المعروف ببحر الباب والأبواب والخزر والجيل والديلم وجرجان وطبرستان، وعليه أنواع من الترك، وينتهي في إحدى جهاته نحو بلاد خوارزم، وطوله ثمانمائة ميل، وعرضه ستمائة ميل، وهو مدور الشكل إلى الطول، وسنذكر فيما يرد من هذا الكتاب جملا من ذكرالأمم المحيطة بهذه البحار المعمورة، وهذا البحر الذي هو بحر الأعاجم كثير التنانين، وكذلك بحر الروم فالتنان فيهما كثيرة، وكثيرا ما تكون مما يلي بلاد طرابلس واللاذقية والجبل الأقرع من أعمال أنطاكية، وتحت هذا الجبل معظم ماء البحر وأكثره، ويسمى عجز البحر، وغايته إلى ساحل أنطاكية ورشيد والإسكندرية وحصن المثقب وذلك في سفح جبل اللكام وساحل المصيصة، وفيه مصب نهر جيحان، وساحل أذنة، وفيه مصب سيحان، وساحل طرسوس، وفيه مصب نهر بردان،وهو نهر طرسوس،ثم البلد الخالي من العمارات الخراب بين الروم والمسلمين مما يلي مدينة قلمية إلى قبرص وقريطس وقراسيا، ثم بلاد سلوقية ونهرها العظيم الذي يصب في هذا البحر، ثم حصون الروم إلى خليج القسطنطينية. وقد أعرضنا عن ذكر أنهار كثيرة بأرض الروم ومما يصب إلى هذاالبحر كنهر البارد ونهر العسل وغيرهما من الأنهار.
والعمارة على هذا البحر من المضيق الذي قدمنا ذكره، وهو الخليج الذي عليه طنجة، متصلة بساحل المغرب وبلاد إفريقية والسوس وطرابلس المغرب والقيروان وساحل برقة والرفادة وبلاد الإسكندرية ورشيد وتنيس ودمياط وساحل الشام وساحل الثغور الشامية ثم ساحل الروم مارا متصلا إلى بلاد رومية إلى أن يتصل بساحل الأندلس، إلى أن ينتهي إلى ساحل الخليج الضيق المقابل لطنجة طى ما ذكرنا لا تنقطع من هذا البركله ألعمائر التي وصفناها من الإسلام والروم إلا الأنهار الجارية إلى البحر وخليج القسطنطينية، وعرضه نحو من ميل، وخلجانات اخر داخلة في البرلا منفذ لها؛ فجميع ما ذكرنا على شاطىء هذا البحر الرومي متصلو الديار غير منفصلين بما يقطعهم أو يمنعهم إلا ما ذكرنا من الأنهار وخليج القسطنطينية، ومثال هذا البحر الرومي، ومثال ما ذكرنا من العمائر عليه إلى أن ينتهي إلى مبدأ الخليج الضيق الآخذ من أوقيانوس الذي عليه المنارة النحاس، ويلي الأعلى من طنجة، وساحل الأندلس: مثل الكرنيب، في قبضة الخليج، والكرنيب على ضفة البحر، إلا أنه ليس بمدور الشكل، لما ذكرنا من طوله.وليس تعرف التنانين في البحرالحبشي، ولا في شيء من خلجانه من حيث وصفنا في نهاياته، وأكثرها يظهر مما يلي بحر أوقيانوس.
التنين وآراء الناس فيه
صفحة ٤٦