وممن كان في الفترة بعد المسيح عليه السلام: جرجيس، وقد أدرك بعض الحواريين فأرسله إلى بعض ملوك الموصل، فدعاه إلى الله عز وجل، فقتله، فأحياه الله وبعثه إليه ثانية، فقتله، فأحياه الله، فأمر بنشره ثالثة وإحراقه وإذرائه في دجلة، فأهلك الله عز وجل ذلك الملك وجميع أهل مملكته ممن اتبعه، على حسب ما وردت به الأخبار عن أهل الكتاب ممن آمن، وذلك موجود في كتاب المبتدأ والسير لوهب بن منبه وغيره.
حبيب النجار
وممن كان في الفترة: حبيب النجار، وكان يسكن أنطاكية من أرض الشام وكان بها ملك متجبر يعبد التماثيل والصور، فسار إليه إثنان من تلامذة المسيح، فدعواه إلى الله عز وجل، فحبسهما وضربهما، فعززهما الله بثالث، وقد تنوزع فيه؛فذهب كثير من الناس إلى أنه بطرس، وهذا اسمه بالرومية، واسمه بالعربية سمعان، وبالسريانية شمعون وهو شمعون الصفاء، وذكر كثير من الناس وإليه ذهب سائر فرق النصرانية أن الثالث المعزز به هو بولس، وأن الاثنين المتقدمين اللذين أودعا الحبس توماوبطرس، فكان لهم مع ذلك الملك خطب عظيم طويل فيما أظهروا من الإعجاز والأعاجيب والبراهين: من إبراء الأكمة والأبرص، وإحياء الميت، وحيلة بولس عليه بمداخلته إياه وتلطفه له، واستنفاذ صاحبيه من الحبس، فجاء حبيب النجار فصدقهم، لما رأى من آيات الله عزوجل، وقد أخبر الله عزوجل بذلك في كتابه بقوله: " إذا أرسلنا إليهم اثنين فكنبوهما " إلى قوله: " وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى " وقتل بولس وبطرس بمدينة رومية، وصلبا منكسين، وكان لهما فيها خبرطويل مع الملك، ومع سيما الساحر، ثم جعلا بعد ذلك في خزانة من البلور، وذلك بعد ظهور دين النصرانية، وحرمهما في كنيسة هتاك قد ذكرناها في الكتاب الأوسط عند ذكرنا العجائب رومية، وأخبار تلاميذ المسيح عليه السلام، وتفرقهم في البلاد، وسنورد في هذا الكتاب لمعا من أخبارهم، إن شاء الله تعالى.
أصحاب الأخدود
فأما أصحاب الأخدود فإنهم كانوا في الفترة في مدينة نجران باليمن،في ملك ينواس، وهو القاتل لذي شناتر، وكان على دين اليهودية، فبلغ ذانواس أن قوما بنجران على دين المسيح عليه السلام؟ فسار إليهم بنفسه، واحتفر لهم أخاديد في الأرض، وملأها جمرا، وأضرمها نارا، ثم عرضهم على اليهودية؛ فمن تبعه تركه، ومن أبى قذفه في النار، فأتى بامرأة معها طفلها ابن سبعة أشهر، فأبت أن تتخلى عن دينها، فأدنيت من النار، فجزعت، فأنطق الله عزوجل الطفل فقال: يا أمه امض على دينك فلا نار بعد هذه، فألقاها في النار، وكانوا مؤمنين موحدين، لا على رأي النصرانية في هذا الوقت، فمضى رجل منهم يقال له ف ثعلبان إلى قيصرملك الروم يستنجده، فكتب له إلى النجاشي لأنه كان أقرب إليهم دارا ا فكان من أمر الحبشة وعبورهم إلى أرض اليمن ؤتغلبهم عليها إلى أن كان من أمر سيف في يزن واستنجاده الملوك إلى أن أنجده أنو شروان ما قد أتينا على ذكره في كتابنا أخبار الزمان، وفي الكتاب الأوسط، وسنذكر لمعا من ذلك فيما يرد من هذا الكتاب عند ذكرنا لأخبار الأفاء وملوك اليمن، وقد ذكر الله عزوجل في كتابه قصة أصحاب الأخدود بقوله عزوجل: " قتل أصحاب الأخدود إلى قوله: " وما نقموا مئهم إلا أن يؤمنوا بالله العزج الحميد "
خالد بن سنان العبسي
صفحة ٢٢