ولما بلغت مريم ابنة عمران سبع عشرة سنة بعث الله عزوجل إليها جبرائيل، فنفخ فيها الروح، فحملت بالسيد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، وولدت بقرية يقال لها بيت لحم على أميال من بيت المقدس، ولدته في يوم الأربعاء لأربع وعشرين ليلة خلت من كانون الأولى، وكان من أمره ما ذكره الله عزوجل في كتابه، واتضح على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وقد زعمت النصارى أن أشيوع الناصري أقام على دين من سلف من قومه يقرأ التوراة والكتب السالفة في مدينة طبرية من بلاد الأردن في كنيسة يقال لها المدراس ثلاثين سنة، وقيل: تسعا وعشرين سنة، وأنه في بعض الأيام كان يقرأ في سفرأشعياء إذ نظر في السفر إلى كتاب من نور فيه أنت نبي، وخالصتي، اصطفيتك لنفسي فأطبق السفر ودفعه إلى. خادم الكنيسة، وخرج وهو يقول: الآن تمت المشيئة لله في ابن البشر،. وقد قيل: إن المسيح عليه السلام كان بقربه يقال لها ناصرة من بلاد اللجون من أعمال الأرعن، وبذلك سميت النصرانية، ورأيت في هذه القرية كنيسة تعظمها النصارى وفيها توابيت من حجارة فيها عظام الموتى يسيل منهلا زيت ثخين كالرب تتبرك به النصارى، وأن المسيح مر ببحيرة طبرية وعليها أناس من الصيادين وهم بنو زبدا، واثنا عشر من القصارين، فدعاهم إلى الله وقال: اتبعوني تصيدوا البشر، فاتبعه ثلاثة من الصيادين، وهم بنو زبدا واثنا عشر من القصارين، وقد ذكر أن ميروحنا وشمعون وبولس ولوقاهم الحواريون الأربعة الذين تلقوا الإنجيل، فألفا خبر عيسى عليه السلام، وما كان من أمره، وخبرمولده، وكيف عمده يحيى بن زكريا، وهو يحمى المعمداني، في بحيرة طبرية، وقيل: في بحر الأردن الذي يخرج من بحيرة طبرية ويجري إلى البحيرة المنتنة، وما فعل من الأعاجيب وأتى من المعجزات، وما قالت اليهود إلى أن رفعه الله عزوجل إليه، وهو ابن ثلالث وثلاثين سنة.وفي الإنجيل خطب طويل في أمر المسيح ومريم عليها السلام ويوسف النجار، أعرضنا عن ذلك، لأن الله عزوجل لم يخبر بشيء من ذلك في كتابه، ولا أخبر به محمد نبيه صلى الله عليه وسلم .
ذكر أهل الفترة ممن كان بين المسيح ومحمد صلى الله عليهما وسلم
وقد كان بين المسيح ومحمد صلى الله عليهما وسلم في الفترة جماعةمن أهل التوحيد، ممن يقر بالبعث، وقد اختلف الناس فيهم: فمن الناس من رأى أنهم أنبياء، ومنهم من رأى غير ذلك.
حنظلة بن صفان
فممن ذكر أنه نبي حنظلة بن صفان، وكان من ولد إسماعيل بن إبراهيم، صلى الله عليهما وسلم، وأرسل إلى أصحاب الرس، وكانوا من يد إسماعيل بن إبراهيم وهم قبيلتان يقال لإحداهما أدمان، وللأخرى يامن، وقيل: رعويل وذلك باليمن، فقام فيهم حنظلة بأمر الله عزوجل فقتلوه، فأوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل من سبط يهوذا أن يأمر بخت نصر بأن يسير إليهم، فسار إليهم، فأتى عليهم، فذلك قوله عز وجل: " فلما أحسوا بأسنا " إلى قوله: " حصيدا خامدين " وقيل:إ ن القوم كانوا من حمير، وقد ذكر ذلك بعض شعرائهم في مرثية له، فقال:
بكت عيني لأهل الرس ... رعويل وقدمان
وأسلم من أبي زرع ... نكال الحي قحطان
ذو القرنين
وقد حكي عن وهب بن منبه أن ذا القرنين وهو الإسكندر كان بعد المسيح عليه السلام في الفترة، وأنه كان حلم حلما رأى فيه أنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقيها وغربيها، فقص رؤياه على قومه، سموه بني القرنين، وللناس في في القرنين تنازع كبيز وقد أتينا على ذلك في كتاب أخبار الزمان وفي الكتاب الأوسط، وسنذكر لمعا من خبره عند ذكرنا لملوك اليونانيين الروم.
أهل الكهف
وكذلك تنازع الناس في أصحاب الكهف في أي الأعصار كانوا؛ فمنهم من زعم أنهم كانوا في زمن الفترة، ومنهم من رأى غيرذلك، وسنأتي بلمع من خبرهم في ذكرنا ملوك الروم في هذا الكتاب، وإن كنا قد أتينا على ذلك في الكتاب الأوسط، فيما سلف قبله من كتاب أخبار ا لزمان.
جرجيس
صفحة ٢١