قال المصنف: ثم مفاوضتنا أصناف الملوك على تغاير أخلاقهم وتباين هممهم، وتباعد ديارهم، وأخذنا بمسلك مسلك من مواقفهم، على أن العلم قد بادت آثاره، وطمس مناره، وكثر فيه العناء، وقل الفهماء ة فلا تعاين إلا مموها جاهلا، ومتعاطيا ناقصا، قد قنع بالظنون، وعمي عن اليقين، لم نر الاشتغال بهذا الضرب من العلوم والتفرغ لهذا الفن من الآداب، حتى صنفنا كتبنا من ضروب المقالات، وأنواع الديانات، ككتاب الإبانة عن أصول الديانة وكتاب المقالات في أصول الديانات وكتاب سر الحياة وكتاب نظم الأدلة، في أصول الملة وما اشتمل عليه من أصول الفتوى وقوانين الأحكام: كتيقن القياس، والاجتهاد في الأحكام، وقع الرأي والاستحسان، ومعرفة الناسخ من المنسوخ، وكيفية الإجماع و ماهيته، ومعرفة الخاص والعام، والأوامر والنوا هي، والحظر والإباحة، وما أتت به الأخبار من الاستفاضة والآحاد، وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم، وما ألحق بذلك من أصول الفتوى، ومناظرة أنباء الخصوم فيما نازعونا فيه، موافقتهم في شيء منه، وكتاب الاستبصار في الإمامة ووصف قاويل الناس في ذلك من أصحاب النص والاختيار، وحجاج كل فريق منهم، وكتاب الصفوة في الإمامة وما احتواه ذلك، مع سائر نتبنا في ضروب علم الظواهر والبواطن والجلي والخفي والدائر الوافر، وإيقاظنا على ما يرتقبه المرتقبون، ويتوقعه المحدثون، وما ذكروه من نور يلمع في الأرض وينبسط في الجدب والخصب، وما في عقب الملاحم الكائنة، الظاهر أنباؤها المتجلي أوائلها، إلى سائر كتبنا في السياسة، كالسياسة المدنية وأجزاء المدينة، ومثلها الطبيعية، انقسام أجزاء الملة، والإبانة عن المواد، وكيفية تركيب العوالم، الأجسام السماوية، وما هو محسوس وغير محسوس، من الكثيف اللطيف، وما قال أهل النحلة في ذلك.
الباعث له على التأليف
صفحة ٢