65

المروءة

محقق

محمد خير رمضان يوسف

الناشر

دار ابن حزم

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

امروة. وَكَانَ أَبُوهُ بِهِ مُعْجَبًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ فِي يَوْمِ نَوْرُوزٍ بَغْتَة لينظرالي حَالَة وهيبة فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ كَيْفَ هِيَ، فَوَجَدَهُ وَحْدَهُ لَيْسَ عِنْدَهُ اُحْدُ يونسة وَيَسْتَرِيحُ إِلَى مُجَالَسَتِهِ وَيَقْطَعُ بِهِ نهارة. فانكرة ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْضَهُ مِنْهُ، وَقَالَ لَة: يَا بني مَالك مُنْفَرِدًا مُعَطِّلًا لِلْمَقْدِرَةِ، تَارِكًا لِابْتِذَالِ الْجِدَةِ، مَعْفِيًّا عَلَى إِظْهَارِ النِّعْمَةِ، وَذَلِكَ لاني لَا اري تنيسا عِنْدَكَ، وَلَا مُلْهِيًّا بِقُرْبِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَكُونَ قَدْ أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ جَلِيسًا اديبا، عَالما بِالأَخْبَارِ، حَكِيمًا، وَمُسَامِرًا ظَرِيفًا، رَاوِيَةً للاشعار، دمثا حصيفا ومنذرا، طَيِّبًا بَرِيعًا، وَمُلْهِيًّا غَرِدًا حَاذِقًا مُصِيبًا.
يَا بُنَيَّ، أَوَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ مُجَالَسَةَ أَهْلِ الطُّرَفِ ولادب حَيَاةُ الْقُلُوبِ، وَمُنَبِّهَةٌ لِلْعُقُولِ، وَزِيَادَةٌ فِي الْمُرُوءَة، وتحشد عَلَى طَلَبِ مَعَالِي الْأُمُورِ. وَقَدْ قَالَ ...: كَمْ مِنْ نَفْسٍ أَصِيلَةٍ أَخْمَلَهَا صَنَاعَةُ التَّأَدُّبِ، وَكَمْ مِنْ نَفْسٍ وَضَيْعَةٍ قَدْ رَفَعَهَا الأَدَبُ.
وَقَدْ قَالَ سَابِقُ الْبَرْبَرِيُّ:
الْعِلْمُ وَالْحِلْمُ خِلَّتَانِ هُمَا ... لِلْخَلْقِ زَيْنٌ اذا هما اجْتَمَعنَا

1 / 87