بعد تسوية الجزء النقدي من عملية الشراء، ولى قائد الكشافة كامل اهتمامه للسجق. بدا لجيمي في مزيج الشطيرة ما كان يريده هو الآخر. لكن بدا له كذلك أنه لا يمكن له، في تلك المرحلة الحرجة، المشاركة في الوجبة التي فرضتها عليه رؤية قائد الكشافة للمكافأة المثالية. وقد تردد إزاءها للحظة، ثم حسم أمره منتصرا، وإن ساوره قليل من الخجل لفشله في أن يكون رفيقا جيدا.
فقال لقائد الكشافة: «أتعلم، لقد كنت عليلا جدا، ولم أخرج من المستشفى وأبتعد عن رعاية الأطباء إلا منذ مدة قصيرة. وأعتقد أنه يجدر بي ألا أعرض معدتي لتلك الوجبة الخاصة بك. سوف أذهب إلى المنزل وأتناول كوبا من عصير البرتقال بدلا منها.»
وقد لمس قلبه بسحر خاص أن قائد الكشافة قال من فوره: «حسنا، سوف أذهب وأتناول معك عصير البرتقال، لكنني بدأت شراء الشطائر ولا يمكنني التراجع، من ثم علي دفع ثمنها وتناولها، لكن المرة القادمة سنحتسي عصير البرتقال معا، ما دام عصير البرتقال هو المسموح لك حتى تستعيد عافيتك.»
بعد ذلك، وهو يسير هرولة في الشارع بجانب جيمي، بعد أن أخذ قضمة من الطعام المغري، قال قائد الكشافة: «يا إلهي! أليس من المزعج أن تكون مريضا؟ لا أعلم ماذا كنت سأفعل إن لم أكن أستطيع تناول السجق متى أردته. فإنني لا أرى شيئا يروق لي أكثر منه بين كل الأشياء المتاحة للأكل في العالم كله. أمي أيضا تحبه. أما أبي فلا يهواه كثيرا لأن معدته تؤلمه بين الحين والآخر. أظن أن ذلك بسبب عمله صحفيا محليا وتغطيته لأخبار الحرب أيضا. لكن حتى الآن، ولله الحمد، لم ينهني أي منهما عن تناولها. وحين يأتي ذلك اليوم، سأقفز من فوق ذروة (لقد درست مصطلح «الذروة» في الجغرافيا) أعلى صخرة على الخليج وأرحل مع التيار.»
فقال جيمي: «ستكون فاجعة مؤسفة. لماذا تريد أن تسبب كل تلك التعاسة لأصدقائك وتحرم سيد النحل من مساعده وتحرمني أنا من الصديق الوحيد الذي لدي في العالم، إلا إذا كان سيد النحل قد قرر أن يصبح صديقي.»
قال الكشافة الصغير: «لقد أصبح سيد النحل صديقا لك بلا شك.» وتابع: «لقد عرفت أن سيد النحل صديقك لحظة أن وقفت أمام شجرة الجاكرندا ورأيتك جالسا على مقعده الخاص. ألم تلحظ أنني واظبت على المجيء إليك؟»
فقال جيمي: «لاحظت بالتأكيد.» وأضاف: «بل إنني دونت تلك الواقعة في ذاكرتي بفخر وسعادة بالغين. سأظل دائما أتذكر أنك منذ أبصرتني أول مرة ظللت تواظب على زيارتي.»
فقال له قائد الكشافة: «لقد جرى الأمر نفسه مع مولي». وتابع: «من بعد أول مرة لمحتها على الإطلاق ظللت أزورها. أقبلت عليها مباشرة واقتربت منها بقدر ما يمكنني الاقتراب في أول لقاء روحي. هل تعلم معنى «لقاء روحي»؟»
فقال جيمي إنه يعرفه. «حسنا، لا بأس. إنه مصطلح تافه للغاية ظننت أنني لا بد أن أشرحه لك مثل النحل وسائر الأشياء التي لا بد أن تعيها. لكن لنعد إلى مولي، إن بها شيئا جذابا. فكل واحد من الصبية أولع بها تماما كما تولع بكعك الحنطة السوداء وشراب القيقب أو فطائر الوافل التي تحصل عليها من بائع الوافل على الشاطئ، أو أي شيء من تلك الأشياء التي تريد أن تحصل على أكبر قدر ممكن منها كلما خطرت لك وتريد العودة إليها بعد بضعة أيام لتحصل على المزيد. هكذا هي مولي. تهفو إليها بشدة حين تراها وتشتاق إليها بالقدر نفسه كل بضعة أيام.»
قال جيمي: «احك لي عن مولي. فإنها تبدو مثيرة للاهتمام.»
صفحة غير معروفة