قال قائد الكشافة: «إنها تجرب كل المفاتيح التي في المنزل لتفتح بها صندوقي، وقريبا جدا ستجد مفتاحا مناسبا، وذلك الصندوق إنما هو مليء بأشياء لا تخصها البتة. فبداخله أغراض ماري هايلاند وأغراض ماري الصغيرة. وبه عقود زواج وحجج. وبداخله أوراق عمل. وبداخله الاتفاق الموقع الذي يجعل تلك الفتاة التافهة تستقر هناك مدى الحياة. فإنني أعلم من هي. وأعلم ماذا تظن أنها فاعلة. وصدقني إنها ستستطيع أن تفعله إن فتحت ذلك الصندوق، وذلك الصندوق يخصني. فماذا ستفعل حيال ذلك؟»
سأله جيمي: «أين المفتاح؟»
فأجابه الكشافة الصغير: «إنه مع أبي.» وتابع: «لقد كان بين الأشياء التي بحوزة سيد النحل في المستشفى، ويوم تسوية الأمور أعطاه قاضي الوصايا لأبي ليحتفظ به حتى أبلغ السن القانونية. إنه في مكتبه في المنزل. بإمكاني إحضاره بالذهاب سريعا إلى هناك، لكنني لن أفعل ذلك. فقد تذكرت أنها لن تستطيع أن تفتح ذلك الصندوق بأي مفتاح تجده في المنزل، ولا أي مفتاح يصنع لها؛ لأن ذلك الصندوق به قفل من نوع خاص فهناك نقش لورقة شجر حيث يجب أن تضغط على زنبرك حتى يعمل القفل. في تلك الأيام حين كنت أفرغ من كل الأعمال وأستعد للذهاب إلى منزلي، وكان سيد النحل يشعر بوحشة شديدة لشيء حي وشخص ليتحدث إليه، كان يسمح لي بفتحه بتلك الخطوات ويريني ما بداخله ويسمح لي بمطالعة الصور ورؤية ما بداخله من الأشياء الخاصة بماري الكبيرة وماري الصغيرة. وذلك ما كان يجول بخاطري. فثمة صورة في الصندوق لتلك المرأة وهي صغيرة، وكانت تبدو قميئة الشكل كما تبدو الآن. وقد كتب عليها اسم وتاريخ، أيضا، ومن شأن ذلك أن يردعها إلى حد ما إن لم تراع ما ستخبر به قاضي الوصايا. ولا يمكنها أن تفتح ذلك الصندوق إلا إذا حطمته بمطرقة، فإن أقدمت على ذلك بالفعل ... ويحي!»
كان الوجه الذي تطلع نحو جيمي وجه شخص وثني صغير يحقق العدالة. لم يبد عليه ذرة رحمة، ولم يش بلمحة تسامح. كان عازما، وساكنا مثل وجه تمثال العدالة الذي يحمل الميزان فوق مقعد القاضي في مكتب محكمة الوصايا. وقد شعر جيمي بقشعريرة باردة تتسلل إلى ظهره. ولأول مرة خاطب شريكه الصغير باسمه.
إذ خاطبه قائلا: «توخ أشد الحذر فيما ستفعله يا جين. لا أدعي أنني لا أتألم بالغ الألم من احتمال طردي من الحديقة، والتنازل عما أراد لي سيد النحل امتلاكه، لكن مهما كانت أهمية نصيبك لديك فهذا لا يبرر أن تفعل شيئا فظيعا فتؤدي بنفسك إلى السجن أو يشينك طوال حياتك. ثمة طريقة واحدة لعلاج هذه الأمور، وهي ترك العدالة تأخذ مجراها.»
جاءه قول الكشافة الصغير متفقا معه: «هذا ما خطر لي بالضبط!» وتابع: «لا أعتقد أنه لا يوجد عدالة في هذه القرية ، ولا أعتقد أنها لن تأخذ مجراها إذا قفزت في الوقت المناسب من مكمني مثل زعيم من الهنود الحمر. لقد أخبرتك من قبل، وأقول لك الآن ابتعد عن المسألة وشاهد ما سأفعله!»
استدار الكشافة الصغير وعاد أدراجه إلى المنزل. وبينما يواجه الدخيلة، وبنبرات مهذبة دمثة، أبلغها هذه الرسالة: «يقول السيد ماكفارلين إن مفاتيح صندوق السيد ورذينجتون في عهدة السيد ميريديث، وإن السيد ميريديث سيظل خارج البلدة عدة أيام ولا يمكن إحضارها قبل رجوعه.»
قالت الآنسة ورذينجتون: «حسنا، وأنا ليس لدي وقت لأنتظر!» وتابعت: «لا بد أن أطلع على الأوراق الموجودة في ذلك الصندوق. لا بد أن أفتحه حتى إن كنت سأحطمه!»
ابتسم الكشافة الصغير. «كان السيد ورذينجتون قد قال إن الصندوق جاء من الجهة الأخرى من المحيط مع أغراض جده المنزلية وهو منحوت نحتا يدويا وكان في الماضي يخص إحدى الملكات. فإن حاولت كسره لفتحه وأتلفته، وإن لم يرض ما وجدته بداخله قاضي الوصايا بشأن من تكونين وما تفعلينه هنا، فسوف توقعين نفسك في مشكلة خطيرة؛ لأننا هنا في كاليفورنيا نبدأ تربية الأطفال وهم ما زالوا يرضعون من زجاجتهم - وهي مخالفة للطبيعة ولا أحبذها، لكنني رأيت أنها ستبدو أكثر تهذيبا من ذكر الطريقة الأخرى للرضاعة - على أي حال، نبدأ تربيتهم من تلك السن المبكرة على الانحناء احتراما أمام أي شيء «عتيق». ونضربهم على رءوسهم ضربة شديدة إن لم يفعلوا ذلك. فإننا نعشق العتيق من الصناديق والطاولات والمقاعد والأبسطة وغيرها، ويحسن بك توخي الحذر لأنه ليس مقبولا في كاليفورنيا أن تتلفي أي شيء عتيق.»
قالت الآنسة ورذينجتون: «مهلا، فلتخبرني!» وأضافت: «من أنت؟» «آه، إنني طفل من هذا الحي. ما هو طلبك التالي؟» «جر صندوق الأمتعة ذلك إلى حجرة النوم.»
صفحة غير معروفة