أما ما فعله جيمي ظاهريا فكان أن ضم قدميه، وشد قامته، وانحنى.
وسألها: «هل أفهم من ذلك أنك ابنة سيد النحل؟»
نظرت السيدة الشابة إلى جيمي وابتسمت، ربما بأقصى ما استطاعت من إغراء.
وقالت: «لست فقط ابنته، لكنني أسرته كلها. بالطبع، حين جاء خبر وفاة أبي فجأة وعلى حين غفلة، كان لا بد أن أقضي بعض الوقت للتأكد من دفنه على النحو الذي كان سيرضيه وفعل كل ما في وسعي لمواساة أمي.»
فجأة وجد جيمي نفسه يبدي ما اعتبره مقاومة.
إذ قال: «لكنني فهمت من سيد النحل أن كلا من زوجته وابنته قد توفيتا.» «لا أعرف الكثير عن زواجه الأول. لا شك أن زوجته الأولى ماتت قبل أن يتزوج أمي، وأعتقد أنهما كان لديهما طفلة فعلا. أعتقد أنه ذكر على مسامعي، لكن ذلك كان قبل أن أولد بزمن طويل بالطبع.»
قال جيمي: «فهمت.» «وما دمت مسئولا هنا، فيجوز لي أن أخبرك أيضا بأن أمي وأبي لم يستطيعا الانسجام قط. فدائما ما كانت تقابلهما صعوبات، وفي النهاية اضطرت أمي إلى الحصول على الطلاق. فإنها لم تستطع الحياة مع رجل حاد الطبع وشديد الصرامة، رجل لا يريد أن يفعل أي شيء سوى العكوف على كتاب أو الانشغال بأمور على شاكلة الثقافة الرفيعة التي لا يمكن أن تثير اهتمام أحد من البشر. وأنا لم ألمها البتة. بل كنت في صفها تماما. بعد أن حصلت على الطلاق، ذهب أبي إلى مكان ما. ولم تعلم قط أين ذهب. فإنه لم يتواصل معنا مباشرة. كان محاميه يرسل النقود لنفقاتي، وأعتقد أنه هو الذي لا بد أن ألجأ إليه للحصول على التركة التي تحق لي قانونا بصفتي طفلته الوحيدة، والوحيدة من ورثته على قيد الحياة.»
فسألها جيمي قائلا: «ألم يخبرك أحد أن سيد النحل قد ترك وصية وهب فيها هذه الأملاك لمساعده الذي كان قد ظل معه بضع سنوات، ولي؟»
ضحكت السيدة الشابة ضحكة لطيفة. «كانت هناك إشاعة. قال أحد الأشخاص شيئا عن عدم وجود أملاك - ربما في خطاب من الممرضة التي كانت في المستشفى الذي مات فيه أبي - لكن بالطبع، حين يعلم الناس هنا أنني الآنسة ورذينجتون والابنة الوحيدة لأبي، لن يكون هناك أي شك بشأن من يستحق المكان قانونا.»
جعل جيمي يمعن النظر في الشابة الماثلة أمامه. لم يستطع أن يرى سببا يجعله لا يصدق ما قالته، لكنها لم تكن تشبه سيد النحل بأي طريقة، ولو قليلا؛ لا في حركاته، ولا مفرداته، ولا شكل يديه أو قدميه، ولا في ملامح الوجه وتعابيره. وفي الوقت نفسه، إن كانت هي تحمل وثائق تثبت هويتها وأن ادعاءها صحيح، فليس ذلك سوى ما توقعه، وما هو إلا ما ظل يؤكد أنه سيحدث؛ لذلك فقد قال لها: «إن تقدمت بالدليل على أن سيد النحل كان أباك بالقرابة، إن تقدمت بالدليل على أن لك حقا قانونيا في تركته، فلن يكون هناك مجال للاعتراض على أن تئول لك؛ لكن سيد النحل كان في كامل وعيه، حسب شهادة الأطباء والممرضات، حتى وافته المنية وهو نائم، وكان جازما جدا في قوله بأن ليس له وريث مباشر من دمه. ما سيتحتم عليك فعله هو أن تعرضي دليلك، وتفصحي عن هويتك، وتجعلي ادعاءاتك مقنعة أمام محكمة الوصايا في هذه المقاطعة. إذا استطعت أن تفعلي هذا، فلا شك أن التركة ستصبح من حقك. أما الآن فهي مسجلة في الأوراق باسمي واسم مساعد سيد النحل، وأنا المسئول عنها وسأظل مسئولا لحين التحقق من هويتك وإثبات ادعاءاتك.»
صفحة غير معروفة