وَلَو قلت قَامَ الَّذِي ضربت هندٌ أَباها لم يجز لأَنَّ " الَّذِي " لَا يكون اسْما إِلاَّ بصلَة وَلَا تكون صلته إِلاَّ كلَاما مستغنيا نَحْو الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَالْفِعْل وَالْفَاعِل والظرف مَعَ مَا فِيهِ نَحْو فِي الدَّار زيد وَلَا تكون هَذِه الْجمل صلَة لَهُ إِلاَّ وفيهَا مَا يرجع إِليه من ذكره فَلَو قلت ضَرَبَنِي الَّذِي أَكرمت هِنْد أَباها عِنْده أَو فِي دَاره لصلح لمّا رددت إِليه من ذكره وَنَظِير الَّذِي مَا وَمن وأَي وأَل الَّتِي فِي معنى الَّذين وكلّ مَوْصُول ممّا لم نذكرهُ فَهَذَا مجْرَاه وَلَو قلت ضرب مَن أَبوك منطلق زيدا لم يجز فإِن جعلت مكانَ الْكَاف هَاء وَقلت أَبوه صحّت المسأَلة بالراجع من ذكره وَكَذَلِكَ بَلغنِي مَا صنعت لأَنَّ هَهُنَا هَاء محذوفة وَالْمعْنَى مَا صَنعته وَكَذَلِكَ رأَيت مَنْ ضربتَ وأَكرمتُ مَنْ أَهنتَ فِي كل هَذَا قد حذفت هَاء وإِنَّما حذفتها لأَنَّ أَربعة أَشياءَ صَارَت اسْما وَاحِدًا وَهِي الَّذِي وَالْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ فخفَّفت مِنْهَا وإِن شِئْت جِئْت بهَا وإِنَّما كَانَت الهاءُ أَولى بالحذف لأَنَّ الَّذِي هُوَ الْمَوْصُول الَّذِي يَقع عَلَيْهِ الْمَعْنى وَالْفِعْل هُوَ الَّذِي يوضِّحه وَلم يجز حذف الْفَاعِل لأَنَّ الْفِعْل لَا يكون إِلاَّ بفاعل فحذفت الْمَفْعُول من اللَّفْظ لأَنَّ الْفِعْل قد يَقع وَلَا مفعول فِيهِ نَحْو قَامَ زيد وتكلَّم عبد الله وَجلسَ خَالِد وإِنَّما فعلت هَذَا بالمفعول فِي الصِّلَة لأَنَّه كَانَ متَّصلا بِمَا قبله فحذفته مِنْهُ كَمَا تحذف التَّنْوِين من قَوْله
(وَلَا ذاكِرَ اللَّه إِلاَّ قَلِيلا)
1 / 19